Page 132 - m
P. 132

‫العـدد ‪60‬‬                           ‫‪130‬‬

                                                               ‫ديسمبر ‪٢٠٢3‬‬

‫أحمد غانم عبد الجليل‬

‫(العراق)‬

‫َحب َكة ُهوليودية‬

    ‫مشاهده بثياب شديدة الإغراء في مرمى عيون‬              ‫أول يوم بدء تصوير الفيلم كان في شارع من‬
   ‫المتجمهرين لمتابعة التصوير‪ ،‬على مسافة تتكفل‬       ‫شوارع العاصمة التي شهدت الكثير من المواجهات‬
‫فرضها قوات مكافحة الشغب الخبيرة بالتعامل مع‬
‫شعب أنهكته المطالبة بأبسط الحقوق دون جدوى‪.‬‬                ‫الدامية في سنوات مضت‪ ،‬أتذكرها الآن جي ًدا‪،‬‬
 ‫كنت أقلِب القنوات والمواقع الإخبارية سري ًعا كلما‬      ‫بتفاصيل غابت عني في زحام الأحداث المتوالية‪،‬‬
     ‫انتهت مظاهرة تلقي ُت خلالها ضربات مختلفة‬       ‫وأنا أشاهد الموقع الم َعد بعناية فائقة لتصوير عملية‬
   ‫اعتدت كتم آلامها داخلي‪ ،‬أو بعد اعتصام انتهى‬         ‫الإنقاذ إثر تفجير تعالت أدخنة نيرانه هنا وهناك‬
   ‫مثلما ابتدأ‪ ،‬كما لو كنا في رحلة لم ت َخلِف سوى‬      ‫كي تلتقطها أكثر من عدسة يشرف عليها المخرج‬
                                                         ‫من خلال شاشة كمبيوتر موضوعة أمامه عند‬
      ‫الذكريات الجميلة‪ ،‬تقتنص بعضها كاميرات‬            ‫مدخل مقهى عتيق‪ ،‬لعله يدخل في صلب الأحداث‬
 ‫الهواتف‪ ،‬كأننا نلتمس منها حفظ تلك اللقطات من‬            ‫أي ًضا ليضفي مصداقية أكبر على أجواء الفيلم‪،‬‬
                                                       ‫أما الانفجار ذاته فقد تم تصويره في مكان خلاء‬
                                      ‫النسيان‪.‬‬         ‫خارج المدينة‪ ،‬فلم ُيسمح بتنفيذه في ذات الشارع‬
   ‫ومن المواقع أي ًضا جمع ُت بعض المعلومات عنها‪،‬‬    ‫كي لا يثير المزيد من الذعر والبلبلة‪ ،‬ومن ثم قد يتم‬
   ‫بدافع الفضول بداية الأمر‪ ،‬فعرف ُت ما أن كتب ُت‬    ‫استغلال ذلك إعلاميًّا من أجل المضاربة السياسية‬
  ‫اسمها في محرك البحث أنها ممثلة أفلام إباحية‪،‬‬           ‫بين الأحزاب المتنافسة في الانتخابات البرلمانية‬
  ‫مثل ْت في العديد الأعمال منذ أن كانت في السابعة‬
    ‫عشرة من عمرها‪ ،‬ارتبط ْت بنجم سينمائي ذي‬                                                 ‫القادمة‪.‬‬
‫شهرة عالمية لعدة سنوات‪ ،‬كما تزوجت من مخرج‬                               ‫سبع سنوات قبل الاحتلال‪..‬‬
                                                    ‫أجب ُتها لمَّا سأل ْتني عن عمري‪ ،‬سخرية أرد ُت أن تثير‬
          ‫مغمور‪ ،‬ومن ثم تطلقا بعد أقل من عام‪.‬‬           ‫انتباهها نحوي أكثر‪ ،‬وجد ْت فيها فطنة ضحكنا‬
   ‫اختارتني مترج ًما لها بنا ًء على توصية من أحد‬     ‫لها م ًعا‪ ،‬مع ذلك لم تعرف كم أبلغ بالتحديد‪ ،‬لأنها‬
    ‫المشرفين على الديكور‪ ،‬يحب أن يقول ذلك عن‬         ‫لم تعد تذكر سنة احتلال جحافل جيشهم العملاق‬
 ‫نفسه‪ ،‬مع أنه من ضمن النجارين الذين يصنعون‬             ‫لبلادي‪ ،‬رغم أنها تبدو أكبر مني بأكثر من عشر‬
 ‫مجسمات خشبية‪ ،‬تبدو في شاشة العرض كما لو‬              ‫سنوات‪ ،‬ما إن تخفف من المكياج الثقيل والمناسب‬
‫أنها أماكن حقيقية بالكامل‪ ،‬وكم نالت دهشتي مثل‬            ‫للدور الذي تج ِسده في فيلم تظهر ضمن أغلب‬
   ‫تلك (الفبركة) السينمائية الممتعة وحادة الذكاء‪،‬‬
   127   128   129   130   131   132   133   134   135   136   137