Page 172 - m
P. 172
أما ابنه شاه رفيع الدين (-1163 العـدد 60 170
1233هـ1817 -1749 /م) فقام
بترجمة القرآن إلى اللغة الفارسية. ديسمبر ٢٠٢3 للثقافة الإسلامية فقد ضاعف من
مكانتها الثقافية والعلمية الموجات
كما ترجم ابنه شاه عبد القادر والبنات ،ومن أهمها ُكتّاب «أحمد المتتالية من الرحلات العلمية التي
القرآن إلى اللغة الأردية باسم الشيخ أحمد السوركتي» الذي قام بها علماء ،ويمكن أن نسجل
«موضح قرآن» ،ولهذه الترجمة أسسه في مستهل القرن الرابع هنا أن بداية استقبال مكة المكرمة
مكانة بارزة في تاريخ التراجم أعدا ًدا كبيرة من الهنود مهاجرين
عشر الهجري ،و كتاب «المدرسة ومجاورين ترجع إلى نهاية القرن
الأردية للقرآن الكريم. الصولتية للبنات» ،وكان تأسيسه الثامن عشر وبداية القرن التاسع
وتحتل مذكرة رحلة الحج للشيخ
في عام 1340ه(.)12 عشر ،وكان لهؤلاء الهنود دور
عبد الحق المحدث الدهلوي بحكم صعوبة حصر جميع علماء في الحركة العلمية في مكة المكرمة
«جذب القلوب إلى ديار المحبوب» الهند الذين تأثروا برحلات الحج عبر العصور بعد أن صاروا جز ًءا
(1001ه )1593 -مكانة الصدارة
إلى مكة المكرمة بسبب كثرتهم، من النسيج الاجتماعي لسكان
بين مذكرات رحلات الحج فإننا نكتفي في هذا السياق مكة من خلال إنشاء المدارس
الهندية( ،)14وقد أدى الشيخ والكتاتيب ،والتدريس في الحرم،
المحدث الدهلوي فريضة الحج بالإشارة إلى من ذاع صيتهم وتأليف الكتب عن تاريخ مكة.
في العام (998ه1590 -م)، مثل أسرة شاه ولي الله الدهلوي هكذا أظهر بعض الحكام المسلمين
ود َّون مذكرة الرحلة في العام الهنود عناية بالتعليم في مكة،
التي لم تنقطع عن زيارة مكة وأسسوا عد ًدا من المدارس منها
(1001ه1593-م). المكرمة منذ أن قام شاه ولي الله «المدرسة الغياثية» أو «البنغالية»
أما ثاني أهم مذكرات رحلات الدهلوي برحلته إلى مكة المكرمة، أسسها الملك منصور غياث الدين
و َد ّونها في كتاب بعنوان «فيض بن المظفر ،أعظم شاه صاحب
الحج الهندية فهي «فيوض الحرمين» ،وقد اعتبر أن «أصل البنغال ،كما أسس أحمد شاه أحد
الحرمين» التي ألفها صاحبها حكام الدولة الكجراتية مدرسة
الشيخ الشاه ولي الله الدهلوي الحج موجود في كل أمة ،ولا في مكة المكرمة ،عرفت باسم
بد لهم من موضع يتبركون به «المدرسة الكنبائية» نسبة إلى
للحج في العام (1143ه- لما رأو من ظهور آيات الله فيه، حاضرة إحدى ولايات كجرات.
1731م) ،وهذه المذكرات تحتوي ومن قرابين وهيآت مأثورة عن أما الشيخ رحمت الله الكيرانوي
أسلافهم يلتزمونها لأنها تذكر
على معلومات تتعلق بالفوائد فقد هاجر إلى مكة المكرمة،
الروحانية من هذه الرحلة ،غير أن المقربين وما كانوا فيه»(.)13 وحصل على الإجازة بالتدريس
في مؤلفات شاه ولي الله الدهلوي في المسجد الحرام ،وأسس في
هاتين المذكرتين المذكورتين آن ًفا مكة أول مدرسة حديثة ،وسميت
لم يتم تدوينهما بالأسلوب الفني نلحظ أن رحلة الحج أثرت «المدرسة الصولتية» سنة 1292ه
التقليدي لتدوين مذكرات رحلات في فكره الإصلاحي؛ حيث
قام باستعراض مفصل لحالة نسبة إلى الأميرة «صولت
الحج. المسلمين المتردية في الهند في النساء» ،وهي أميرة هندية مسلمة
من الناحية الفنية تعد مذكرة منتصف القرن الثامن عشر .لذا
رحلة الحج «سوائح الحرمين» يرى أن المشاكل الاجتماعية التي تبرعت ببنائها ،وبقي الشيخ
التي ألفها الشيخ رفيع الدين يواجهها المسلمون كانت نتيجة رحمت الله مديرا لها إلى وفاته،
الفاروقي المراد آبادي أول مذكرة لضياع السلطة منهم ،وتفشي
دونت في الهند لرحلة الحج ،فقد الفساد الأخلاقي بين المسلمين، حيث دفن في مقابر مكة.
كان الشيخ رفيع الدين الفاروقي ولهذا فقد كان الهدف الأساس كما أسس الهنود في مكة المكرمة
المراد آبادي تلمي ًذا للشيخ الشاه لحركته هو إحياء الأخلاق في عد ًدا من الكتاتيب لتعليم الأولاد
ولي الله الدهلوي ،وعالمًا متبح ًرا المجتمع .وما جاء في ثنايا كتابه
«حجة الله البالغة» -الذي طبع في
في عصره ،سافر للحج ب ًّرا الهند ومصر مرا ًرا -لا يبتعد عما
بيناه سال ًفا.