Page 173 - m
P. 173

‫تجديد الخطاب ‪1 7 1‬‬

      ‫«أرمغان حجاز» أي «هدية‬         ‫الرحلات ليتضمن كل ما يكتبه‬                               ‫وبح ًرا‪.‬‬
   ‫الحجاز» من أهم رحلات الحج‬        ‫الرحالة‪ ،‬سواء من سار منهم في‬      ‫ذكر الشيخ في هذه المذكرة أحوال‬
                                     ‫البقاع أو من تجول مع الأفكار‪،‬‬
     ‫الهندية الخيالية‪ ،‬وكان إقبال‬                                       ‫مكة المكرمة والمدينة المنورة مع‬
    ‫قد نظم ديوانه «جاويد نامه»‬          ‫وأخذ الخيال منه كل مأخذ‪،‬‬           ‫تفاصيل رحلته‪ ،‬ومشاهداته‬
                                        ‫فالرحلة الخيالية هي الرحلة‬          ‫وخبراته بأسلوب مذكرات‬
        ‫أي «رسالة الخلود» التي‬       ‫التي وصفها مؤلفها على لسان‬           ‫الرحلات‪ .‬وعلى الرغم من أن‬
    ‫تشبه رسالة الغفران للمعري‬      ‫رحال وهمي سافر إلى منطقة ما‪،‬‬           ‫الشيخ رفيع الدين الفاروقي‬
 ‫والكوميديا الإلهية لدانتي‪ ،‬وكان‬     ‫فيصفها من خلال قراءته أو ما‬           ‫المراد آبادي سافر للحج في‬
  ‫إقبال أي ًضا قد تخيل في قصيدة‬      ‫توفر لديه من معلومات حصل‬
   ‫له أن قافلة الحجاج تسير بين‬                                           ‫العام (‪1201‬ه‪1876 -‬م)‪ ،‬وفي‬
‫مكة والمدينة‪ ،‬ويخرج عليها قطاع‬             ‫عليها من هذا أو ذاك(‪.)16‬‬        ‫أغلب الظن أنه دون خبراته‬
                                    ‫من خلال رحلات الخيال يمكننا‬
                        ‫الطرق‪.‬‬                                        ‫ومشاهداته في أثناء رحلته إلا أن‬
‫من خلال هذا المشهد‪ ،‬تناول إقبال‬          ‫الوقوف عند جوانب الحياة‬      ‫هذه المذكرة ظلت مخطوطة لم تر‬
                                     ‫العقلية والاجتماعية لدى أقوام‬
   ‫مشاعر الركب على لسان حاج‬            ‫ومجتمعات سابقة على زماننا‬         ‫النور لحوالي قرنين من الزمن‬
   ‫جاء من بخارى للحج في قافلة‬          ‫هذا؛ الأمر الذي قد يجعل من‬      ‫تقريبًا‪ .‬وقد نشرت لأول مرة في‬
   ‫حجاج من تركستان‪ .‬ووصف‬           ‫أدب رحلات الخيال مصد ًرا مفي ًدا‬    ‫العام‪1961‬م‪ ،‬بعد أن ترجمها إلى‬
  ‫المحمل الشامي الآمن من سلب‬          ‫أي ًضا للمعرفة بطبائع البلدان‪،‬‬   ‫اللغة الأردية نسيم أحمد الفريد‬
                                    ‫وقيم الشعوب وتقاليدها‪ ،‬علاوة‬
      ‫البدو ونهبهم‪ ،‬كما نقل إلينا‬                                                     ‫الأمروهوي(‪.)15‬‬
‫مجمل المشاعر المتضاربة للحجاج‬          ‫على ما قد تطرحه من قضايا‬
 ‫الذين نهبت قافلتهم‪ ،‬وقتل بعض‬          ‫إنسانية تتعلق بالفكر السائد‪،‬‬           ‫***‬
                                   ‫والشغل الشاغل للناس صفوتهم‬
  ‫الحجاج على يد البدو‪ ،‬وتصميم‬       ‫وعامتهم في كل زمان ومكان(‪.)17‬‬       ‫إذا كانت رحلات الواقع تشكل‬
  ‫الفتى البخاري على المضي قدما‬                                             ‫في حقيقة الأمر أساس أدب‬
   ‫نحو المدينة المنورة بعد أن نجا‬       ‫لا جرم أن رحلة الفيلسوف‬
  ‫من الموت‪ ،‬فمضى وحي ًدا يقول‪:‬‬       ‫والشاعر محمد إقبال (‪-1877‬‬            ‫الرحلات‪ ،‬وهي التي يتناولها‬
                                                                              ‫عادة الباحثون بالقراءة‪،‬‬
      ‫سرقت القافلة في الصحراء‬             ‫‪ )18()1938‬المعروفة باسم‬
                   ‫والمنزل بعيد‬                                             ‫والتحقيق والتحليل إلا أننا‬
                                                                       ‫نرى إمكانية توسيع مجال أدب‬
  ‫وأصبح رفاقي في السفر صي ًدا‬
    ‫لسكين قاطع‬
         ‫الطريق‬

  ‫ومن نجا منهم‬
   ‫اتجه على غير‬
‫هدى إلى بيت الله‬
  ‫أي سعادة تلك‬
 ‫التي جعلت ذلك‬
 ‫الشاب البخاري‬
  ‫يضحي بنفسه‬
‫فقد نال الحياة في‬

      ‫قسم الموت‬
‫كان خنجر قاطع‬

    ‫الطريق كأنه‬
   168   169   170   171   172   173   174   175   176   177   178