Page 216 - m
P. 216

‫العـدد ‪60‬‬                              ‫‪214‬‬

                                 ‫ديسمبر ‪٢٠٢3‬‬                         ‫الجردل والحبل‬

   ‫وإعداد طعام الرجل وتربية‬       ‫بسيط أسهل للفهم من أولئك‬           ‫كان هناك جردل ملقى على‬
       ‫أطفاله وتنظيف منزله‪.‬‬       ‫الرجال الخبيثين والخداعين‪.‬‬       ‫جانبه في كوخ صغير لا يبعد‬
              ‫وعلق الجردل‪:‬‬                                         ‫كثي ًرا عن طريق فرعي ضيق‬
             ‫‪ -‬هذا صحيح‪.‬‬               ‫وكان أملهما من دراسة‬
                ‫وقال الحبل‪:‬‬       ‫سلوك السيد ديندي التوصل‬              ‫قريب من قرية تشلتون‪.‬‬
                                                                     ‫وهذا الجردل كان قد ركله‬
‫‪ -‬لقد صادف ذلك اليوم الذي‬               ‫إلى معرفة بقية الرجال‬      ‫رجل وهو يشنق نفسه بحبل‬
  ‫اشترانا فيه سيدنا أن يكون‬       ‫والقياس على أفعاله كي يفهما‬
     ‫أحد أيام شهر مايو حيث‬        ‫تصرفاتهم ويستنتجا السبب‬                 ‫مربوط بعامود متين‪.‬‬
                                 ‫وراء أحزانهم وأفراحهم بحيث‬       ‫وكان الرجل الذي شنق نفسه‬
 ‫يكون كل شيء موجو ًدا تحت‬        ‫يقتربان قلي ًل من الحقيقة التي‬
     ‫الشمس‪ ،‬حيًّا أو غير حي‬      ‫يصعب بمكان اكتشافها دو ًما‪.‬‬         ‫يدعى‪ ،‬السيد ديندي‪ ،‬الذي‬
    ‫في منتهى السعادة‪ .‬وكنت‬                                           ‫استأجر عدة أراض مثمرة‬
                                    ‫وكان الصديقان بين الفنية‬          ‫اعتاد على حرثها بسعادة‪.‬‬
  ‫ملفو ًفا ومعرو ًضا في واجهة‬          ‫والأخرى يحتاران قلي ًل‬     ‫وكان إلى جانب تربيته لبعض‬
 ‫محل السيد جونسون صانع‬                                              ‫الأبقار الحلوبة ُيسمن بعض‬
‫الحبال‪ .‬الرجل الذي كان يرفع‬         ‫بشأن السيد ديندي لأنه لم‬
                                   ‫يكن يتصرف دو ًما كما كانا‬                 ‫الخنازير اللطيفة‪.‬‬
    ‫كمي قميصه للأعلى تار ًكا‬                                       ‫وكان كل خادم مهما صغرت‬
    ‫الأطفال يحدقون بساعديه‬            ‫يتوقعان منه‪ ،‬ففي بعض‬
  ‫كثيفي الشعر‪ .‬كانت الشمس‬           ‫الأوقات يبدو لهما قل ًقا على‬     ‫مكانته تثير اهتمامه عادات‬
   ‫تشرق عليَّ وأغط بدفئها في‬       ‫الرغم من أنه من حيث العلة‬        ‫سيده اليومية وذهابه وإيابه‬
‫نوم عميق‪ .‬كنت أحلم بطفولتي‬         ‫والمعلول ليس هناك أي داع‬       ‫وحبه وكرهه‪ ،‬فيراقبها ويعلق‬
‫السعيدة عندما نشأت في حقل‬           ‫كي يساوره القلق‪ ،‬بحسب‬          ‫عليها‪ .‬وكانت تحركات السيد‬
‫كبير إلى جانب ملايين الزهور‬                                         ‫ديندي وسلوكه مثار اهتمام‬
‫الجميلة من الأخوة والأخوات‪.‬‬                    ‫تفكير الجردل‪.‬‬        ‫الجردل والحبل بشكل كبير‬
  ‫لكني لم أغ ُف كثي ًرا‪ ،‬فبمجرد‬     ‫والآن بما أن السيد ديندي‬       ‫دو ًما بحكم تواجدهما في ذات‬
   ‫أن علت الشمس في السماء‬                                         ‫الكوخ الصغير‪ ،‬فكانا يتحدثان‬
‫ونفذت إلى داخل الواجهة حتى‬            ‫شنق نفسه وورطهما في‬            ‫عن كل ما يقوم به ويسعى‬
‫استيقظت ونظرت إلى الشارع‪،‬‬             ‫هذه الخدمة الأخيرة من‬       ‫إليه السيد ديندي كي يستنتجا‬
                                  ‫تدمير نفسه‪ ،‬فقد فكر كل من‬
      ‫وأي شخص لديه رغبة‬            ‫الجردل والحبل باستعراض‬            ‫بقدر ما يستطيعان السبب‬
 ‫حقيقية للمعرفة ولديه عينان‬        ‫حياة هذا الرجل كي يخرجا‬                        ‫وراء أفعاله‪.‬‬
                                 ‫بسبب واحد حقيقي على الأقل‬
    ‫سوف يرى شيئًا ما مثي ًرا‬                                        ‫كان كلاهما مهت ًّما بأي نوع‬
  ‫يجري في الشارع‪ .‬عليه فقط‬               ‫وراء تصرفه الأخير‪.‬‬         ‫من الحياة لا تشبه حياتهما‪،‬‬
‫أن ينظر وسيرى ذلك الشيء‪.‬‬                       ‫وعلق الجردل‪:‬‬          ‫مثل حياة البشر على سبيل‬
  ‫وبدأت أراقب الجمهور الذي‬
                                      ‫‪ -‬أليس غريبًا إن لم يكن‬           ‫المثال لأنهما تافهان ولا‬
    ‫كان يتحرك على الرصيف‬            ‫مذه ًل أن يستخدمنا سيدنا‬       ‫يعتبران بنظر الأغلبية بأنهما‬
‫أمام واجهة المحل ولفت نظري‬         ‫الطيب في تلك المهمة الحزينة‬
                                     ‫لمساعدته على الموت؟ لعلك‬          ‫أو أي شيء من جنسهما‬
  ‫بعضهم بالتحديد‪ .‬فقد مرت‬         ‫تتذكر مثلي ذلك اليوم السعيد‬           ‫يستحق ُج َّل اهتمامهم‪.‬‬
   ‫عجوزتان أقدامهما بدت لي‬         ‫عندما اشترانا السيد ديندي‬
    ‫كأنها تلتصق بالحجر مع‬           ‫قبل يوم من زواجه‪ .‬وكان‬            ‫ولكي يدرسا الرجال قرر‬
   ‫كل خطوة خطياها بينما لم‬         ‫قد تزوج كما تعلم من امرأة‬       ‫الجردل والحبل أن يتخذا من‬
  ‫يتوقف لسانهما عن الثرثرة‬
  ‫والبربرة في انتقاد تصرفات‬           ‫خلقت كي ترضي جموح‬              ‫السيد ديندي مث ًل للبشرية‬
  ‫جيرانهما السيئة‪ .‬ومر رجل‬           ‫شهوته التي أثقلت كاهله‪.‬‬         ‫لأنهما يعتقدان بشكل كبير‬
                                                                  ‫بأن طريقة وأفكار رجل ريفي‬
                                                ‫وعلق الحبل‪:‬‬
                                 ‫‪ -‬وكانت مطالبة أيضا بالطبخ‬
   211   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221