Page 218 - m
P. 218

‫العـدد ‪60‬‬                            ‫‪216‬‬

                                   ‫ديسمبر ‪٢٠٢3‬‬                    ‫يمكن أن يكون وزنك قد شكل‬
                                                                      ‫عبئًا عليه لأنه كان يحملك‬
  ‫لأنني لا يمكن أن أفكر بتلك‬           ‫على جانبي الطريق زهور‬            ‫ويتبختر بك وكأن عبء‬
 ‫الأيام السعيدة دون أن أكون‬            ‫بيضاء وصفراء‪ .‬وضعني‬
  ‫متأك ًدا من أنه كان مستمت ًعا‬       ‫السيد ديندي جانبًا فبرزت‬      ‫عدة جالونات من القمامة لم‬
‫بها‪ .‬كنت أمتن وقتها ولا أعتقد‬         ‫على سطحي برتقالة عفنة‪.‬‬        ‫يكن شيئًا يذكر لساعد قوي‬
‫أنني متين الآن‪ ،‬فقوتي الآن لا‬      ‫أخذ السيد ديندي استراحة في‬
  ‫تحتمل أكثر من حمل خفيف‬            ‫الطريق وقطف بعض الزهور‬                           ‫كساعده‪.‬‬
                                    ‫وبدا سعي ًدا وهو يمسكها في‬                  ‫وقال الجردل‪:‬‬
   ‫ج ًّدا‪ .‬إن السيد ديندي الذي‬                                     ‫‪ -‬لم يكن يمانع أب ًدا في حملي‬
 ‫حملته كان يمكنه أن يربطني‬                               ‫يده‪.‬‬      ‫في أي وقت من أوقات السنة‬
‫حول حزمة من القش آنذاك لا‬                         ‫سأل الحبل‪:‬‬        ‫إن كان تحت شمس الصيف‬
 ‫يقدر على حملها أقل من ثلاثة‬             ‫‪ -‬وماذا فعل بعد ذلك؟‬     ‫المشرقة أو أثناء سقوط أمطار‬
   ‫رجال‪ .‬ومهما كانت الحزمة‬                      ‫أجاب الجردل‪:‬‬        ‫فصل الخريف الرتيبة‪ ،‬كان‬
  ‫كبيرة كان يضعها بشكل أو‬           ‫‪ -‬لقد حمل الزهور إلى المنزل‬     ‫السيد ديندي يحملني بنفس‬
 ‫بآخر على ظهره إلى درجة أن‬                    ‫وأهداها لزوجته‪.‬‬      ‫الحيوية‪ .‬كان يتكئ على سور‬
  ‫القش كان يكنس السياج من‬                          ‫علق الحبل‪:‬‬      ‫منزله الريفي الصغير ويمزح‬
 ‫كل جانب على جانبي الطريق‬            ‫‪ -‬كان الصيف يسعد السيد‬         ‫مع السكان ويحكي للفتيات‬
   ‫ويبدو وكأن كوم من القش‬              ‫ديندي والشتاء أي ًضا‪ .‬في‬         ‫الصغيرات قصة غريبة‬
                                   ‫الشتاء كنا نراه أكثر لأنه كان‬      ‫تتعلق بشؤون البلدة تثير‬
          ‫كان يمشي وحده‪.‬‬           ‫يستخدمنا أكثر‪ .‬فأثناء الشتاء‬     ‫ابتسامتهن‪ .‬ويطلب منهن أن‬
       ‫وقال الجردل متعجبًا‪:‬‬        ‫تبقى الأحصنة داخل الاسطبل‬        ‫يسألن زوجته اللطيفة بيتي‬
 ‫‪ -‬نعم هذا هو السيد ديندي‪،‬‬         ‫ويجب أن ينقل لها القش‪ ،‬وفي‬      ‫ماذا فعلت حتى استطاعت أن‬
  ‫رجل قروي صادق ومبتهج‬                ‫الشتاء يزيد عدد الخنازير‬                   ‫تحظى بزوج‪.‬‬
‫يقوم بمهامه على أحسن وجه‪.‬‬             ‫التي تحتاج للتسمين‪ .‬وفي‬
   ‫فما الذي أضره؟ وما الذي‬           ‫الشتاء أي ًضا يشعر الإنسان‬                   ‫وقال الحبل‪:‬‬
     ‫منعه من أن يعيش حياته‬              ‫بقوته وسعادته أكثر من‬        ‫‪ -‬كنا نشاهد تقريبًا كل ما‬
   ‫بقناعة ويموت ميتة طبيعية‬          ‫الصيف‪ .‬يتعلم مواجهة أشد‬         ‫كان يفعله وبدا لنا أنه كان‬
 ‫تليق برجل طيب؟ بالتأكيد لم‬         ‫الرياح دون أن يهتز له جفن‬       ‫بالتأكيد يعيش حياة سعيدة‬
 ‫يخلق إنسان صافي النية مثله‬        ‫ولا يهتم عندما تغمره الأمطار‬
 ‫كي يموت بمثل تلك الطريقة‪.‬‬               ‫من رأسه حتى أخمص‬              ‫ج ًّدا‪ ،‬فهواء البلدة العليل‬
                                     ‫قدميه‪ .‬لم يستطع أي طقس‬       ‫والطعام البسيط الصحي الذي‬
          ‫وقال الحبل بهدوء‪:‬‬             ‫أن يرهب السيد ديندي‪.‬‬      ‫كان يتناوله بالإضافة إلى عمله‬
   ‫‪ -‬أنظر إليه الآن‪ ،‬في البداية‬        ‫وبقدر ما كان يتحمله من‬      ‫الشاق المستمر ومع ذلك غير‬
   ‫عندما ركلك بعي ًدا تساءلت‬          ‫العواصف في الخارج بقدر‬
 ‫إن كان عليَّ أن أكون قو ًّيا بما‬   ‫ما كان سعي ًدا بغرفة جلوسه‬      ‫الممل‪ ،‬كل ذلك أعطاه الصحة‬
  ‫فيه الكفاية لحمله‪ .‬لقد عانى‬       ‫الزجاجية وبإضاءتها المبهجة‬    ‫والسعادة ولم ينقصه المال إذا‬
   ‫بشكل رهيب وتصورت أنه‬               ‫وبالحضور الدافئ لزوجة‬
  ‫كان سيغير رأيه ما إن شعر‬                                                     ‫احتاج للإنفاق‪.‬‬
 ‫في البداية بأنني أحكمت الشد‬                            ‫تحبه‪.‬‬            ‫وأجاب الجردل بحزن‪:‬‬
    ‫حول رقبته‪ .‬لقد حاول أن‬                      ‫وسأل الجردل‪:‬‬      ‫‪ -‬مرة واحدة فقط لاحظت أن‬
 ‫يمسك بي كي يخفف شعوره‬                  ‫‪ -‬ولماذا إذا شنق نفسه؟‬       ‫السيد ديندي كان يتصرف‬
                                                 ‫وأجاب الحبل‪:‬‬            ‫بطريقة لم تكن معتادة‬
                 ‫بالاختناق‪.‬‬         ‫‪ -‬بالتأكيد لا يمكن أن نضع‬      ‫بالنسبة إلى رجل ريفي‪ .‬كان‬
              ‫وعلق الجردل‪:‬‬            ‫اللوم على الطقس الشتوي‪،‬‬       ‫يحملني وأنا ملآن في طريق‬
    ‫‪ -‬لابد أنك آلمته بشدة لأن‬                                       ‫العودة من منزل صغير كان‬
    ‫وجهه أصبح أسود تقريبًا‬                                          ‫قد اشترى منه قمامة‪ .‬وكان‬
   213   214   215   216   217   218   219   220   221   222   223