Page 217 - m
P. 217

‫حول العالم ‪2 1 5‬‬                    ‫الطباع ويستبعد الخوف من‬            ‫عسكري ذو رتبة عالية‬
                                  ‫أن تكون قاسية أو ترفض أي‬           ‫ومهذب‪ .‬كان يمشي وهو‬
              ‫وأجاب الحبل‪:‬‬                                       ‫ينظر إلى صورته المنعكسة في‬
   ‫‪ -‬نعم‪ ،‬ولكنه بدا مضطر ًبا‪.‬‬       ‫شيء يمكن لرجل أن يطلبه‬         ‫كل واجهة زجاجية يمر من‬
‫وبينما كانت تلعب بي انتهز ُت‬           ‫منها‪ .‬كان هذا الرجل هو‬      ‫أمامها فيزداد زه ًوا بنفسه‪.‬‬
   ‫الفرصة كي أنظر إليها عن‬                                         ‫ومرت سيدة كانت تلحق به‬
                                  ‫السيد ديندي وكانت هي المرأة‬      ‫بمسافة قليلة وتتمنى رؤية‬
     ‫قرب أكثر‪ ،‬فبدت لي أنها‬              ‫التي ستصبح زوجته‪.‬‬
 ‫خلقت فقط كي تسر أي رجل‬                        ‫وبربر الجردل‪:‬‬           ‫نفسها أي ًضا‪ ،‬ولكنها لم‬
                                                                  ‫تجرؤ على النظر في الواجهات‬
      ‫بعذوبتها وتوقها للحب‪.‬‬        ‫‪ -‬وكانت ذراعاها مفتوحتين‬
  ‫وكانت روحها تفيض حنا ًنا‪،‬‬                   ‫لرجل آخر قبله‪.‬‬         ‫الزجاجية لأنها خافت من‬
                                                ‫وأجاب الحبل‪:‬‬        ‫أن تراها الخادمة الصغيرة‬
   ‫ولكن لا شر فيه‪ .‬وأظهرت‬                                         ‫التي كانت تسير وراءها‪ .‬وفي‬
 ‫لطفها لشاب كان ابن المحامي‬          ‫‪ -‬القبر وحده كان بإمكانه‬       ‫الوقت الراهن هناك قرقعة‬
  ‫وصادف مروره في الشارع‬             ‫منع ذلك‪ .‬ولكن اسمح لي أن‬     ‫أقدام‪ ،‬فبعض التلاميذ يمرون‬
                                                                    ‫وهم يسحبون القبعات من‬
   ‫بينما كان السيد ديندي قد‬                      ‫أكمل كلامي‪.‬‬     ‫فوق رأس بعضهم البعض‪ .‬ثم‬
  ‫دخل إلى حانة صغيرة‪ .‬وبدا‬                      ‫وأكمل الحبل‪:‬‬       ‫مر عضو في البلدية متبخت ًرا‬
 ‫على وجه ابن المحامي أنه غير‬           ‫‪ -‬تقدم السيد ديندي إلى‬    ‫وكأن البلدة ملكه وحده‪ .‬ومن‬
‫سعيد وسمحت له بتقبيلها في‬              ‫الواجهة ونظر إل َّي وكان‬      ‫بعده مرت فتاتان شابتان‬
                                      ‫بصحبة السيد جونسون‪.‬‬          ‫وجميلتان وجاهزتان للحب‬
         ‫غياب السيد ديندي‪.‬‬          ‫وكانت الفتاة تنظر في اتجاه‬    ‫وأخذتا تنظران بخجل إلى كل‬
         ‫وعلق الجردل قائ ًل‪:‬‬            ‫آخر‪ .‬وأمسك بي السيد‬        ‫شاب في الطريق وتضحكان‬
    ‫‪ -‬قدماها كانتا صغيرتين‬           ‫جونسون بيديه المشعرتين‬      ‫بهدف الوصول إلى ما ترميان‬
    ‫وخطوتها رشيقة‪ ،‬ولو أن‬         ‫مثل ساعديه وفكني ثم مدني‪.‬‬      ‫له‪ .‬ودقت ساعة برج الكنيسة‬
‫السيد ديندي قد اختلس النظر‬           ‫وتفحصني سيدنا قلي ًل إلى‬     ‫الموجودة أعلى البلدة‪ ،‬الساعة‬
 ‫من خلال نافذة الحانة القذرة‬         ‫أن اقتنع أنني ألبي حاجته‬        ‫الثالثة‪ ،‬ولكن يبدو أنها لم‬
 ‫وهو ينكت سعي ًدا مع المزارع‬                                        ‫تسترع انتباه أحد فيما عدا‬
   ‫باردي‪ ،‬لأسعده أن يرى أن‬                         ‫واشتراني‪.‬‬         ‫رجل فقير ومديون سيتم‬
‫ابن المحامي كان مسرو ًرا منها‬                   ‫وقال الجردل‪:‬‬      ‫استجوابه في هذا التوقيت في‬
                                        ‫‪ -‬كان السيد ديندي في‬        ‫دار البلدية‪ ،‬في الوقت الذي‬
                      ‫مثله‪.‬‬        ‫التاسعة والعشرين من عمره‬       ‫كان يتمنى فيه لو أنه كان قد‬
      ‫وعلق الجردل بسخرية‪:‬‬         ‫آنذاك والفتاة في الثامنة عشرة‬   ‫أخذ بنصيحة زوجته وأغرق‬
‫‪ -‬والحبل أي ًضا كان مسرو ًرا‪.‬‬
   ‫وما إن اشتراك السيد حتى‬                            ‫تقريبًا‪.‬‬        ‫نفسه‪ .‬وما كادت الساعة‬
     ‫ذهب إلى محل الخردوات‬                        ‫وقال الحبل‪:‬‬       ‫تتوقف عن الدق حتى دخل‬
      ‫واشتراني‪ .‬وحملنا م ًعا‬      ‫‪ -‬تما ًما‪ .‬ولكني أستعجب الآن‬
    ‫وتعارفنا‪ ،‬وفي ذلك المساء‬      ‫عندما أفكر بما فعلته بعد ذلك‪.‬‬       ‫إلى المحل شاب تبدو على‬
  ‫استخدمني لجمع الفضلات‬             ‫فبينما كان السيد جونسون‬          ‫وجهه سعادة عريس على‬
‫للخنازير وما زلت أتذكر حتى‬        ‫والسيد ديندي يتحدثان أخذت‬      ‫وشك الزواج وبصحبته شابة‪.‬‬
   ‫هذا الوقت الرائحة الكريهة‬       ‫تربطني وتفكني ثم وبشقاوة‬          ‫َنظر ُت إليها بإعجاب وإليه‬
                                     ‫طفلة وهي تنظر إليه بحب‬      ‫بسعادة‪ .‬بديا وكأنهما قد خلقا‬
            ‫للبطاطس العفنة‪.‬‬           ‫عقدتني حول رقبة السيد‬         ‫أحدهما للآخر‪ .‬أي شخص‬
          ‫وقال الحبل مفك ًرا‪:‬‬           ‫وأحكمت شدي حولها‪.‬‬          ‫بإمكانه أن يلحظ فيها أجمل‬
      ‫‪ -‬لم تكن الرائحة النتنة‬                   ‫وقال الجردل‪:‬‬
     ‫للقمامة الفاسدة هي التي‬      ‫‪ -‬وأعتقد أن السيد جونسون‬
    ‫جعلت سيدنا يشنق نفسه‬                   ‫ضحك‪ ،‬أليس كذلك؟‬
  ‫لأنه كان دو ًما يصفر عندما‬
‫يأتي بك مليئًا بأقذر المواد‪ .‬ولا‬
   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221   222