Page 230 - m
P. 230
العـدد 60 228
ديسمبر ٢٠٢3 وليس هدف أي بناء.
رجب القاضي قواد
سلسلة من الانشغال والهم وخارجها) ،وهو الذي يقوم معتبر يمتلك كل الأدوات
والمهامَ ..م ْن هو هذا الرجل بترتيب المكان وتجهيز قعدة الممكنة للحياة .لدرجة أنه
العجيب القوي والضعيف يعيش حتى يومنا هذا في
والمؤمن والقواد والقادر على الحشيش بكل لوازمها أماكن كثيرة ،في أماكن
كل المهام المذكورة أعلاه؟! وبكل ما يحتاجه الجميع عامة وخاصة ،وفي بارات
من الصحفي والمترجم حتى وعوامات وصالونات ،وفي
كل شخصيات رواية العاهرة والراقصة والمثقف شلل تتحرك حتى الآن بيننا.
«ثرثرة فوق النيل» للكاتب والمثقفة ،وهو إمام الزاوية بالضبط مثل الأستاذ أنيس
المصري نجيب محفوظ لا والمتدين الورع الذي يصلي زكي الذي نلمحه بقوة في كل
تزال تعيش بيننا وتتصرف الفرض بفرضه ،وهو القواد، شوارع وحواري ومؤسسات
بنفس الوقاحة والفجاجة أو بلهجة أخف هو الذي يأتي مصر عمو ًما ،والقاهرة على
بالعاهرات إلى العوامة ويهتم وجه الخصوص ،وأي ًضا في
والعدمية ،والتفلسف بهن وبمزاج عناتيل العوامة، الغرز وقعدات الحشيش..
الفارغ ،واللا مسؤولية، ويأتي بالحشيش ،ويقوم أما شخصية عم عبده حارس
بكل الخدمات اللوجستية العوامة ،فهي الشخصية
والقوادة ،والانتهازية، الأكثر اتسا ًعا وعمومية
والمومسة ،والغيبوبة ،وخفة والاتصالات. وأهمية وتشعبًا وتشاب ًكا
عم عبده لا يتكلم كثي ًرا. ومركزية على الرغم من
الظل ،والإيمان ،والتدين، ينظر فقط ،ويتحرك فقط، «خفوتها» وعدم التركيز
والسخرية ،والمزاح ،والبغاء وطوال الوقت لديه ما يفعله عليها ضمن الأحداث البارزة
ويقوم به ،سواء برغبته أو والمحورية والكبرى والمهيمنة
السياسي والثقافي.. بدون رغبته ،سواء بإرادته التي تشد القارئ وتجذب
كل شخصيات «ثرثرة فوق أو بدون إرادته .إننا حتى لا اهتما ًما وتجعله يلهث وراء
النيل» هي شخصيات روائية نعرف ولا نلمح ولا نشعر حركتها وكلامها .لكننا
حقيقية في سياقها الدرامي- بهذه الرغبة والإرادة ،بل ولا نجد عم عبده حاض ًرا في
السردي ،ولا يوجد بينها ولا نشعر أي ًضا بغيابهما .إنه
حتى شخصية واحدة وهمية طوال الوقت غارق في حلقة كل تفاصيل
أو مختلقة .كلها شخصيات ما من حلقات متشابكة في الحياة في
روائية ومأساوية بامتياز العوامة وخارج
رغم خفتها وخفة ظلها، العوامة .فهو
ورغم إمكانية الحياة على المسؤول عن
شد الحبال
وتثبيتها
حتى لا تغرق
العوامة ،وهو
الذي ينظف
المكان (داخل
العوامة