Page 234 - m
P. 234

‫رجب القاضي‪ ،‬أو التناوب‬     ‫رجب القاضي قواد معتبر يمتلك كل‬
 ‫عليهن وتسليمهن من رجب‬        ‫الأدوات الممكنة للحياة‪ .‬لدرجة أنه‬
                               ‫يعيش حتى يومنا هذا في أماكن‬
   ‫إلى أصدقائه‪ .‬بينما هن في‬
‫حقيقة الأمر يمارسن حياتهن‬       ‫كثيرة‪ ،‬في أماكن عامة وخاصة‪،‬‬
‫بشكل طبيعي مثل بقية رجال‬        ‫وفي بارات وعوامات وصالونات‪،‬‬
                               ‫وفي شلل تتحرك حتى الآن بيننا‪.‬‬
  ‫العوامة‪ ،‬ويحاولن اكتشاف‬       ‫بالضبط مثل الأستاذ أنيس زكي‬
 ‫العالم مثل أي كائن بشري‪.‬‬       ‫الذي نلمحه بقوة في كل شوارع‬
  ‫هذه النماذج النسائية لافتة‬    ‫وحواري ومؤسسات مصر عمو ًما‪،‬‬
                              ‫والقاهرة على وجه الخصوص‪ ،‬وأي ًضا‬
      ‫للغاية‪ ،‬ويبدو أن لديها‬     ‫في الغرز وقعدات الحشيش‪..‬‬
 ‫«حرية الاختيار»‪ .‬هكذا يبدو‬
                              ‫القوادة كفعل طبيعي وسلوك‬                         ‫تهدمها‪.‬‬
   ‫الأمر فقط‪ ،‬مجرد احتمال‪.‬‬      ‫يبدو أنه من طبائع الأمور‪.‬‬     ‫هناك أي ًضا نموذج كل من‬
‫ولكن من الصعب الاتفاق مع‬           ‫على الجانب الآخر‪ ،‬نجد‬    ‫فرج إبراهيم في رواية «زقاق‬
                                  ‫نموذج «إحسان» زوجة‬
  ‫هذه الرؤية في ظل أوضاع‬                                        ‫المدق»‪ ،‬وشخصية رجب‬
     ‫اجتماعية متردية ورغبة‬    ‫محجوب عبد الدايم‪ ،‬ونفيسة‬          ‫القاضي في «ثرثرة فوق‬
      ‫في الصعود الاجتماعي‬          ‫أخت حسنين‪ ،‬وحميدة‬          ‫النيل»‪ .‬الأول قواد حقيقي‬
                                                               ‫من حيث المهنة والوظيفة‬
 ‫والطبقي‪ ،‬أو في ظل أوضاع‬         ‫اليتيمة الفقيرة ابنة زقاق‬    ‫وطريقة التفكير والسلوك‪.‬‬
‫اجتماعية سيئة للغاية ورغبة‬        ‫المدق التي تنادي خالتها‬      ‫والثاني قواد وفق طبيعة‬
                                                                 ‫الأمور وتطور علاقاته‬
     ‫في الحفاظ على الصورة‬            ‫بأمها‪ ،‬وتبدي رغبتها‬        ‫النسائية ونظرته للمرأة‬
  ‫الاجتماعية ورونق الوظيفة‬       ‫واستعدادها بكل الأشكال‬      ‫ورؤيته للمعايير التي يمكن‬
                                                            ‫أن تكون أسا ًسا للعلاقة بين‬
   ‫والنظافة الأخلاقية‪ .‬هناك‬        ‫والصور لمغادرة الزقاق‬      ‫أي رجل وأي امرأة‪ .‬وربما‬
  ‫أي ًضا جانب يظهر بحدة في‬         ‫اللعين إلى أضواء وسط‬         ‫يكون رجب القاضي هو‬
  ‫نساء عوامة رجب القاضي‬          ‫القاهرة‪ .‬ثم ثلاث أو أربع‬      ‫الوحيد من قوادي نجيب‬
 ‫اللاتي لا يعانين من مشاكل‬       ‫شخصيات نسائية أخرى‬            ‫محفوظ الذي يمتلك رؤية‬
‫اجتماعية أو احتياجات مادية‪.‬‬       ‫في عوامة رجب القاضي‬         ‫وثقافة وقدرة على الإقناع‪،‬‬
 ‫بل على العكس‪ ،‬لديهن حرية‬        ‫يتم التعامل معهن كسقط‬      ‫وإمكانية مادية على ممارسة‬
 ‫حركة وحرية اختيار وثقافة‬     ‫متاع‪ ،‬ويجري استبدالهن أو‬
‫نوعية وشبكة علاقات‪ ،‬وربما‬       ‫الاستغناء عن خدماتهن في‬
  ‫وظائف تمكنهن من الحياة‬      ‫أي وقت بعد أن يشبع منهن‬
‫بشكل جيد وتسمح لهن حتى‬

    ‫بالاختلاف مع أزواجهن‬
      ‫أو رؤسائهن في العمل‪.‬‬
   ‫على عكس إحسان التلميذة‬
      ‫ونفيسة الخياطة اللتين‬
 ‫تعيشان في أسرتين من أسر‬
    ‫الطبقة الوسطى الزئبقية‪،‬‬
      ‫ويدفعن ثمن ذلك أكثر‬
  ‫بكثير من الرجال أنفسهم‪.‬‬
  ‫وبل ومن الممكن القول بأن‬
   ‫اختياراتهن مبنية على فعل‬
   229   230   231   232   233   234   235   236   237   238   239