Page 239 - m
P. 239
237 الملف الثقـافي
وسلعتها في آن واحد .إذن، من كثرة التشابه المنطقي ،في والوحيد للخروج من القاع
ما الذي كان يحمي إحسان السرد ،بين إحسان وحميدة، وظلت تراوح بين الاستسلام
ابنة المدارس التي بدأت تفكر يمكن أن نلمح مقاطع كاملة
التام أو نصف التسليم.
ليس بالضبط في جسدها، متشابه من حيث طريقة لقد حسمت حميدة أمرها
وإنما فيما يتعلق بهذا الجسد التفكير .ما يعطي انطبا ًعا وخرجت في اتجاه واحد.
واحتياجاته الخارجية ،عندما وحتى عندما التقت عباس
بأننا أمام نموذج واحد الحلو مصادفة ،لم تضعف أو
وضعت قدمها على أول لامرأة تتأرجح بين إحسان تستكين أو تفكر في العودة.
طريق؟ تساؤلات وافتراضات وحميدة ،تعكس كل النتائج
إنه الواقع ،والشخصية
وتباديل وتوافيق يمكن أن الممكنة لمنظومة علاقات الواقعية التي تتعامل
تتوالد وتتكاثر حول هذين اجتماعية لم تتغير طوال
القرن الأخير ،أي منذ خلق ببرجماتية تامة مع واقع هي
النموذجين .ومع ذلك ،لا نجيب محفوظ نموذجي مجبرة للحياة فيه ،سواء كان
يمكن أن تكره أ ًّيا منهما. إحسان وحميدة ..وبالتالي،
يمكنك فقط أن تغضب أو ما الفرق بين والد إحسان، «زقاق المدق» أو «الكباريه».
تحنق أو تتعاطف أخلاقيًّا. وبين والدة -خالة– حميدة؟! بينما ظلت إحسان مترددة
إن الغضب والحنق يكشفان رغم قناع القوة الذي كانت
لا فرق تقريبًا .غير أن ترتديه .وفي نهاية المطاف لم
جانبًا آخر من المجتمع شريحة القاع أكثر وضو ًحا تكن أمامها أي فرص للعودة،
المتواطئ باسم المقدس. أو هكذا تصورت هي بعد
ذلك المجتمع الذي لا يرى وجرأة ووقاحة ،لأنها أن قطعت خطوات مهمة في
في المرأة سوى كائن خرافي ببساطة لا تملك أي شيء الحياة ،أو ما تتصوره أنه
قد يعجبه ويروق له في يمكن أن تخاف عليه .هنا
أوقات محددة ،وقد يصبح تظهر قوة حميدة النفسية الحياة.
شيطا ًنا وإبلي ًسا وعفريتًا في وصلابة منطقها وجرأتها وعلى الرغم من التفاصيل
أحيان أخرى .أما التعاطف على المضي قد ًما إلى الأمام التي قد تعكس بعض الفوارق
فهو يعكس مدى التواطؤ دون أي تردد أمام المقدسات الطبقية والنفسية والوجودية
الاجتماعي بمعناه الأخلاقي. بين إحسان وحميدة ،إلا أن
بينما المسألة مختلفة تما ًما، والمعايير الأخلاقية. النموذجين وجهان لكينونة
لأن إحسان وحميدة وجهان ولكن ماذا لو تبادلت كل من بائسة في واقع اجتماعي
لكينونة واحدة تعيش في ربما يكون هو المذنب الأول
منظومة علاقات اجتماعية إحسان وحميدة مواقعهما
منحطة ،اتفق الجميع ضمنيًّا الاجتماعية في تلك الطبقة والوحيد في دفعهما إلى
على تحييدها ،بل تجاهلها منطقة شائكة من حيث
تما ًما ،أو في أحسن الأحوال، المنكوبة؟ ماذا لو كانت النظرة الأخلاقية السائدة في
تسطيحها في حال الحديث حميدة هي التي كانت تدرس نفس ذلك المجتمع المتواطئ
عنها ،لتندرج كل الأسباب الذي يتواطأ أفراده مع
والحيثيات والمبررات تحت في المدرسة وتمتلك نفس بعضهم البعض حينًا ،وضد
البند الأخلاقي .هنا تحدي ًدا قوتها ومنطقها في زقاق بعضهم البعض حينًا آخر،
نكتشف أن التواطؤ الحقيقي المدق؟ ربما اختلفت المصائر وضد نفس القواعد والأطر
ليس تواطؤ إحسان أو الأخلاقية التي يحاسبون
حميدة مع مصيريهما ،ولا تما ًما! بعضهم البعض بها حينًا
هناك بعض الأفكار حول أن
ثالثًا..
الزقاق كان يحمي حميدة.
كان يمثل در ًعا اجتماعيًّا
وجغرافيًّا لها ولجسدها
الذي كانت تعتبره رأسمالها