Page 241 - m
P. 241
الملف الثقـافي 2 3 9
الروسي فيودور الصعب الذي يطرح الكثير وبطموحها في الكتابة .لكن
دوستويفسكي ،فقد رأينا من الأسئلة الكلاسيكية ليس الحادثة أظهرت جانبًا آخر
المجتمع الروسي ،قبل النقاد فقط على أبطال الرواية ،وإنما من تناقض سمارة الرشيدي
في روسيا وفي العالم كله، التي تحولت مواقفها تما ًما،
يتعامل بفخر وكبرياء مع على القارئ نفسه .ولكن على عكس حميدة وإحسان
الكاتب الكبير باعتباره من نجيب محفوظ ف َّضل إضافة
كتاب الرواية الكبار ،ما ح َّو َله المعارك والاشتباكات والمزيد اللتين مضيتا قد ًما ،لأن
إلى رمز ومثار فخر وافتخار. لا شيء لديهما تخسرانه
لكن في الحقيقة ،ومع مرور من المناقشات ،في محاولة تقريبًا .وإن كانت حميدة
لرصد عملية التغيير التي تختلف بدرجات عن كل
بعض الوقت وتجاذب حدثت .وإن كان قد تردد على من إحسان وسمارة .لكن
أطراف الحديث مع العديد لسان الأبطال أن التغيير لا الأخيرة هي الأرقى من حيث
من المسرحيين والروائيين يوجد في الواقع ،وإنما يوجد الوعي وتنوع الاحتياجات،
والمهتمين -المتخصصين فقط على الورق في الأعمال والوعي بهذا التنوع ،والرغبة
الدرامية .هنا لا تغيير بالمعنى في تغيير العالم وفقا لمستوى
في عالم دوستويفسكي، الواضح والمفهوم ،وإنما ما وعيها النظري .ولكن الأفكار
اكتشفنا أن الروس في قرارة حدث هو التحول في وعي
أنفسهم لا يحبونه ،وأحيا ًنا شخصيتين أساسيتين ،أنيس النظرية المجردة شيء،
زكي وسمارة الرشيدي .أما والواقع المؤلم شيء آخر
يشيحون برؤوسهم في مسألة اتجاه هذا التحول ،فلا
ضيق وغضب عند ذكره أو تشكل أزمة أو قضية أو حتى تما ًما يحتاج إلى أدوات
ذكر أي من النماذج البشرية مشكلة على الورق بداخل إضافية للتعامل معه.
التي خلقها .والسبب هو أن الرواية ،لأن الواقع نفسه بعد الحادثة ،تأرجحت
هو المنوط بتحديد جدوى سمارة بهجت بين التساؤلات
دوستويفسكي وضع يده هذا التحول لامرأة كانت منذ الفلسفية الكبرى .ولكنها
على أعمق المناطق المظلمة في قليل تسعى إلى تغيير العالم أفاقت على عبارة رجب
الروح الروسية ،بل والروح عبر نص مسرحي ،ففوجئت التي وجهها لها بقوة وعناد
بأن قوانين التغيير مرهونة وغضب ،وربما بكراهية وهو
الإنسانية عمو ًما.
نجيب محفوظ وضع يده باختبارات الواقع.. يل ِّوح بقيضته:
إن الكتابة الكبرى قد تضع -ماذا تريدين ،يا رأس
على الكثير من المناطق
النفسية والروحية المنحطة في صاحبها في مرمى نيران البلوى؟!
المجتمع ،قبل نيران السلطة. لم يكن رد فعلها إلا أنها
الإنسان المصري ،والمجتمع والكتابة الكبرى هنا لا تندرج «انكمشت في ذعر»! فماذا
المصري .إن خلق نجيب تحت بند البورنو أو الحديث، بعد؟ لا شيء تقريبًا .ولا
رد فعل على جملة قالها
محفوظ نموذج «سي السيد»، كما اصطلحت الثقافات قواد عصري تحمل معنى
والنماذج النسائية في العديد والمعارف العربية ،عن الاحتقار ،أو في أحسن
من أعماله ،يؤكد بما لا يدع المحرمات والتابوهات الثلاثة. الأحوال ،معنى الاستغناء
مجا ًل للشك ،أنه بعيد تما ًما إنها أعمق وأشمل وأعم من
عن شبهة عدم احترام المرأة. وعدم الجدية!
محفوظ كان ُي َش ِّرح المجتمع ذلك. كان من الممكن أن تنتهي
على الرغم من التعامل الرواية بجلستهم في العوامة،
المصري ،ويسخر من هذا الاستثنائي مع الكاتب في مواجهة الموقف الوجودي
المجتمع ،مع كل نموذج
للمرأة يقوم بخلقه وطرحه
على العالم ..لقد نجح محفوظ