Page 243 - m
P. 243
الملف الثقـافي 2 4 1نجيب محفوظ ..عمدة الرواية لا يكرر نفسه ،ويحرص على لا نستطيع أن نتصور تاريخ
العربية وقمتها الشامخة تطوير لغته وأساليبه مع
د.محمد الرواية العربية الحديثة دون
عبيد الله* تطور رؤيته ومنظوره ،يفعل موقع نجيب محفوظ فيه
ذلك كله بتواضع جم ،وصبر ومكانته ،ذلك أن محفوظ
(الأردن) هو عماد الرواية العربية
غير محدود ،ويرى لحظة
سعادته في اكتمال عمل من و ُع ْمدتها غير منازع ،وتاريخ
أعماله ووصوله إلى القارئ، إنتاجه وعطائه هو في جوهره
لتكتمل دائرة الإنتاج الأدبي، مسيرة حياة الرواية العربية
ولتبدأ مهمة جديدة بالبحث
وتطورها وانتشارها ،وعلى
عن منطقة لم تستهلكها أهمية ما قدمه مجايلوه
الكتابة في مراحلها السابقة.
وما قدمته الأجيال اللاحقة
وليس من الاعتساف أو من إنتاج روائي مرموق
المبالغة أن نؤكد على أن حتى اليوم ،فإن تجربة
التجربة المحفوظية قد بلغت
قمة شاهقة صعبة الارتقاء محفوظ تظل العلامة الفارقة
والمداناة ،جعلت أمر تجاوزه على مستويات متعددة ،لا
ومجاراة ثراء إنتاجه أقرب تضاهيها تجربة أخرى ولا
إلى المحال في الأمد القريب تقاربها من السابقين أو
والبعيد ،ومعنى هذا أننا اللاحقين ،وهذا التقييم لا
نرى أن التجارب والكتابات
العربية اللاحقة -على أهميتها يستند إلى نيله جائزة نوبل،
وتقديرنا لها -لم تبلغ تلك الجائزة العالمية التي جاءت
القمة ولم تجاوزها ،وأنها في مرحلة متأخرة أو ختامية
جاءت لاحقة لكتابات محفوظ نسبيًّا في حياته الأدبية عام
لكنها لا تمثل مرحلة (ما
بعد محفوظ) إلا من الناحية ( 1988في سن السابعة
الزمنية فحسب ،أما من والسبعين) ،بل يستند قبل
الناحية الفنية فإنها تسبح في ذلك وبعده إلى عناصر القوة
بعض ما حققته كتابته من التي انطوت عليها تجربته
تقنيات وأساليب وإمكانات الطويلة ،وما قدمه على مدار
وطرائق وأفكار لم تستنفد نحو سبعة عقود من عطاء
حتى اليوم ،وأن تلك التجارب لا يعرف التوقف أو الخفوت
العربية على كثرتها وتعدد أو الاستراحة ،ويحقق مع
مشاربها تحاول وتنشط في
مناطق كتابية تقع على سفوح كل عمل جديد اختراقات
القمة المحفوظية العالية. فنية وفكرية لا تخفى ،ويملأ
وقد شيد محفوظ في رحلته
الكتابية الممتدة عالمًا سرد ًّيا مع كل رواية أو مجموعة
قصصية جديدة فرا ًغا جماليًّا
شديد المتعة والإتقان
ورؤيو ًّيا لم يتعرض له ولم
يشبعه من قبل .ولذلك فإن
القارئ الذي يعرف معالم
مسيرته يدرك أن محفو ًظا