Page 238 - m
P. 238

‫العـدد ‪60‬‬                             ‫‪236‬‬

                               ‫ديسمبر ‪٢٠٢3‬‬                     ‫شهرة والأكثر جرأة ووقاحة‬
                                                                 ‫ووضو ًحا‪ .‬غير أن النماذج‬
      ‫أكثر وضو ًحا ووقاح ًة‬        ‫البك وتفكر جد ًّيا فيه‪ ،‬ثم‬        ‫البشرية النسائية لدى‬
   ‫وجرأ ًة واتسا ًقا مع نفسها‬     ‫مقارنتها إياه مع علي طه‪.‬‬      ‫محفوظ تحتاج لا إلى سينما‬
 ‫منذ البداية‪ .‬كانت تدرك أنها‬     ‫لنكتشف أن المقارنة انتهت‬        ‫بقدر احتياجها إلى المسرح‪.‬‬
‫وقعت في مصيدة قواد‪ .‬وكان‬
   ‫زقاق المدق يمثل طري ًقا في‬       ‫لصالح البك‪ .‬والمثير أن‬     ‫أي أن نساء محفوظ يمكن أن‬
‫اتجاه واحد غير قابل للرجعة‬       ‫مقارنة القواد محجوب عبد‬        ‫يجتمعن في نص درامي يتم‬
 ‫على الرغم من التواطؤ الذي‬                                      ‫طرحه على خشبات المسارح‬
   ‫يمثل أبرز سمات منظومة‬           ‫الدايم بين البك وعلى طه‪،‬‬      ‫لتتحاور‪ ،‬على سبيل المثال‪،‬‬
                                   ‫انتهت لصالح عليِّ وليس‬        ‫إحسان (القاهرة الجديدة)‬
        ‫العلاقات في الزقاق‪.‬‬        ‫لصالح البك‪ .‬إن كل ذلك‬           ‫مع حميدة (زقاق المدق)‬
 ‫لقد دفعوا إحسان للانسلاخ‬           ‫لا يمكن أن يلقي بشبهة‬       ‫اللتان تنتميان إلى شريحتين‬
                                    ‫الانحطاط الأخلاقي عند‬      ‫مختلفتين من طبقة اجتماعية‬
    ‫عن شريحتها الاجتماعية‬        ‫إحسان باعتبارها «امرأة»‪،‬‬      ‫واحدة تقريبًا‪ ،‬تسكن إحسان‬
      ‫لتعيش ضمن منظومة‬         ‫بقدر ما يلقي بحقيقة الفساد‬       ‫في إحدى شرائحها الوسطى‬
      ‫علاقات قوادة‪ ،‬وقوادة‬        ‫الاجتماعي– الأخلاقي عند‬           ‫أو ما تحتها قلي ًل‪ ،‬بينما‬
                                ‫المجتمع‪ .‬وهو ما نرى أصله‬            ‫سكنت حميدة في قاعها‬
  ‫سياسية متعددة الدرجات‪.‬‬         ‫في الفساد السياسي‪ .‬فأين‬            ‫الضيق المظلم‪ -‬الخانق‪.‬‬
 ‫وعندما اكتشفت أنها وقعت‬         ‫الفساد والانحطاط هنا‪ :‬في‬           ‫لقد ظلت إحسان تلميذة‬
                               ‫اختيارات إحسان‪ ،‬أم في دفع‬        ‫المدرسة‪ ،‬التي لم تكن تعرف‬
      ‫في المصيدة‪ ،‬تماهت مع‬       ‫الأسرة لها بالانطواء تحت‬         ‫أب ًدا معنى التمرد إلا ما لم‬
‫دورها الجديد لتصبح واحدة‬       ‫جناحي رجل غني وقوي عبر‬              ‫تفهمه من الكتب النظرية‬
                                 ‫الزواج من قواد له ظروفه‬        ‫التي حاول «علي طه» دسها‬
     ‫ضمن مخلوقات طبقتها‬        ‫الاجتماعية أي ًضا‪ ،‬أم في منظر‬      ‫في رأسها‪ ،‬تثير الهواجس‬
   ‫الجديدة‪ ،‬تمعن في التواطؤ‬       ‫الإخوة الجوعى والعراة؟!‬           ‫الاجتماعية والتساؤلات‬
                                   ‫أما حميدة‪ ،‬المتمردة التي‬    ‫النفسية ‪-‬لدى النقاد والقراء‬
     ‫والتبرير على الرغم من‬       ‫تحب نفسها كثي ًرا على قدر‬                   ‫والمهتمين على‬
‫إمكانية الاختيارات‪ ،‬وإمكانية‬    ‫وعيها ووعي زقاقها‪ ،‬فكانت‬                       ‫حد سواء‪-‬‬
‫الحركة أو بالأحرى التراجع‪.‬‬                                                       ‫ليس فقط‬
                                                                            ‫عندما بدأ الأب‬
  ‫بينما حميدة التي انسلخت‬                                                   ‫بالضغط عليها‬
  ‫عن شريحتها كانت تعرف‬                                                       ‫لتتزوج «البك‬
   ‫منذ البداية طريقها الواحد‬                                                   ‫الكبير» من‬
                                                                              ‫أجل انتشال‬
                                                                               ‫أسرتها من‬
                                                                                 ‫الفقر‪ ،‬بل‬
                                                                             ‫وأي ًضا عندما‬
                                                                            ‫بدأت تستعذب‬
                                                                            ‫كلمات وملامح‬
   233   234   235   236   237   238   239   240   241   242   243