Page 237 - m
P. 237

‫الملف الثقـافي ‪2 3 5‬‬

‫رشيد العناني‬                  ‫جوستاف فلوبير‬                       ‫تعرضوا لشخصيات «إي َّما‬
                                                                    ‫بوفاري» عند فلوبير في‬
   ‫في عالم مليء بالتناقضات‬         ‫أوسع من حيث الدلالة‬              ‫روايته «مدام بوفاري»‪،‬‬
   ‫والاحتمالات والتوقعات‪.‬‬       ‫والتحديد‪ ،‬وينتقل بعد ذلك‬
                                ‫إلى المفاهيم العامة المتداولة‬     ‫ولشخصية «أ َّنا كارينينا»‬
  ‫‪ -3‬نساء نجيب‬                 ‫للميثيولوجيا الشعبية‪ .‬غير‬           ‫عند تولستوي في روايته‬
      ‫محفوظ‬                                                       ‫«أ َّنا كارينينا»‪ .‬وهناك من‬
                                  ‫أن اللافت هنا أن غالبية‬
‫لم يكن نجيب محفوظ مهت ًّما‬       ‫أعمال نجيب محفوظ‪ ،‬إن‬                ‫تع َّرض لكل منهما على‬
    ‫بنحت الشخصية الفنية‪،‬‬        ‫لم يكن كلها تقريبًا‪ ،‬تنطلق‬         ‫انفراد‪ ،‬وهناك من حاول‬
     ‫بقدر التركيز على خلق‬        ‫من فضاء مفتوح وتذهب‬
                                                                     ‫تناول الشخصيتين في‬
‫نماذج بشرية كاملة‪ .‬من هذا‬           ‫إلى فضاء مفتوح آخر‪،‬‬          ‫سياقات جمالية واجتماعية‬
  ‫المبدأ تحدي ًدا دخلت نماذج‬       ‫من دون أحكام مسبقة‬             ‫وتاريخية معينة‪ .‬وبظهور‬
     ‫محفوظ إلى الميثولوجيا‬        ‫أو طرح فرضيات يقينية‬          ‫نساء الكاتب المصري نجيب‬
   ‫الشعبية المصرية كنماذج‬        ‫تحدد مسار الشخصيات‬               ‫محفوظ في منتصف القرن‬
                                 ‫بنا ًء على حسابات نفسية‬         ‫العشرين‪ ،‬بات لدينا نماذج‬
‫بشرية وكعبارات تكاد تصل‬        ‫أو ذهنية مسبقة أي ًضا‪ ..‬إن‬        ‫نسائية إضافية متفردة من‬
    ‫إلى مرتبة المثل الشعبي‪.‬‬     ‫عالم نجيب محفوظ مشرع‬
    ‫فـ»سي السيد» النموذج‬      ‫الأبواب والنوافذ وغير محدد‬           ‫حيث الوجود والحضور‬
                               ‫بأحكام وفرضيات ودوافع‬            ‫والمصير‪ .‬وكان من بين هذه‬
  ‫البشري تحول إلى مفهوم‬         ‫حتمية تحدد الشخصية أو‬            ‫النماذج «حميدة» في «زقاق‬
     ‫يحمل دلالات اجتماعية‬     ‫تتحكم في مساراتها وتفرض‬            ‫المدق» و»نفيسة» في «بداية‬
                                    ‫عليها تصرفات معينة‪.‬‬
  ‫وشعبية وثقافية‪ ،‬بالضبط‬          ‫فكل الاحتمالات مفتوحة‬             ‫ونهاية»‪ ،‬و»إحسان» في‬
    ‫مثل محجوب عبد الدايم‬                                          ‫«القاهرة الجديدة»‪ ،‬ونساء‬
                                                                 ‫عوامة «ثرثرة فوق النيل»‪.‬‬
‫الشهير‪ ،‬وفرج إبراهيم الأقل‬                                      ‫واتضح أن نموذج «نفيسة»‬
                                                                  ‫على وجه التحديد يقف إلى‬
                                                                ‫جوار نموذجي كل من «إي َّما‬

                                                                   ‫بوفاري» و»أ َّنا كارينينا»‬
                                                                     ‫لأسباب كثيرة جمالية‬

                                                               ‫وسردية ونفسية واجتماعية‪.‬‬
                                                                   ‫إن القوادة في عالم نجيب‬

                                                                ‫محفوظ لم تقتصر على عالم‬
                                                                   ‫الجنس والنساء وتجارة‬
                                                                   ‫البشر‪ ،‬بل امتدت لتشمل‬

                                                                ‫العاملين في مجالي السياسة‬
                                                                    ‫والإعلام وأدعياء الثورة‬
                                                                    ‫والتقدم‪ ،‬وعالم المثقفين‬
                                                                   ‫لتتفتح أعيننا على مفهوم‬

                                                                  ‫«المثقف القواد»‪ ،‬وليتحرك‬
                                                                       ‫المفهوم العام للقوادة‬

                                                               ‫والقوادين إلى دوائر وموجات‬
   232   233   234   235   236   237   238   239   240   241   242