Page 235 - m
P. 235
233 الملف الثقـافي
الأرستقراطية إلى مستوى وبصعوده الوظيفي وترقيه الرجال وتصرفاتهم أو
آخر ،بل وضرورة إجراء وأحلامه في الانتقال إلى طبقة الطموحات الأسرية الطبقية
إصلاحات اجتماعية وثقافية
وقانونية في المجتمع من أرقى ،بل ومنشغل تما ًما وعملية الترقي الوظيفي.
بحياته وبالمستقبل الباهر في الحقيقة ،يمكن الحديث عن
جهة أخرى .وذلك رغم
الاستنكار الأخلاقي الواسع الذي ينتظره. محجوب عبد الدايم وفرج
إن شخصية نفيسة في إبراهيم ورجب القاضي
الذي قوبلت به الروايتان، «بداية ونهاية» واحدة من كثي ًرا من حيث التركيبة
والشخصيتان :إيما وأ َّنا. الشخصيات النسائية اللافتة
في الأدب العالمي ،التي تطرح الذهنية والنفسية والوضع
جاء انتحار نفيسة بعد تساؤلات أخلاقية واجتماعية الاجتماعي ،والمجال العام
انتحار «إي َّما» بحوالي 100 كاشفة ومحرجة وجارحة السياسي والثقافي .ولكن
للمجتمع ولمؤسساته وللنخب شخصية حسنين التي تعتبر
سنة ،وبعد انتحار «أ َّنا» عمو ًما ،بعي ًدا عن الأحكام أكثر شخصيات القوادين
بحوالي 70سنة .وهو زمن الأخلاقية التي تضر بالأدب
صدور الروايات على وجه وبتأثيره وبدوره الجمالي التبا ًسا في عالم نجيب
والإبداعي والاجتماعي. محفوظ ،تستحق نظرة أكثر
التقريب .انتحار نفيسة شخصية نفيسة بتداعياتها
جاء ليس في القرن التاسع النفسية والذهنية وطموحاتها عم ًقا وتأم ًل ،لأن حسنين
غير المباشرة ،التي ترى ليس قوا ًدا واض ًحا ومحدد
عشر حيث المجتمعات إمكانية تحقيقها عن طريق
الأرستقراطية المحافظة أخيها حسنين ،تضعها بين السمات ،وإنما متواطئ
والقوانين الرجعية بحق شخصية إيما بوفاري في برغبته أو قس ًرا .غير أن
المرأة ،وإنما في النصف رواية «مدام بوفاري» للكاتب هذا التواطؤ يندرج بشكل
الثاني من القرن العشرين الفرنسي جوستاف فلوبير، مباشر ،وبدرجة أو بأخرى،
في مجتمع لا يزال يعيش وبين شخصية أ َّنا كارينينا تحت بند القوادة ،سواء كان
بنفس عقلية القرن التاسع في رواية «أ َّنا كارينينا» حسنين يتعامل بحسن نية
عشر ،بل والثامن عشر .قد للكاتب الروسي ليف مع ما تقدمه له أخته من دعم
يكون هذا الانتحار -انتحار ومساعدات وأموال وهدايا،
نفيسة -أثار تساؤلات لدى تولستوي. أو «يطرمخ» عن مصادر
النقاد والمتابعين .واتسعت إن انتحار كل من «إيما» هذه الأموال ،متصو ًرا أن
دائرة التساؤلات نسبيًّا و»أ َّنا» لم يزلزل فقط كيان مهنة الخياطة يمكنها أن تدر
بعد أن تحولت الرواية إلى الطبقات الأرستقراطية في عليها كل هذه الأرباح التي
فيلم بنفس الاسم .لكنها كل من فرنسا وروسيا ،ولم تنفق منها عليه وعلى أخيه
في مجملها كانت تساؤلات يهز مشاعرها الأخلاقية فقط، حسين .في نهاية الأمر ،لم
أخلاقية بالدرجة الأولى، بل فتَّح عيون النخب وعقول يتوقف حسنين لحظة ويتأمل
لم يق َّدر لها أن تر َق من النقاد والمش ِّرعين على أهمية الوضع ويسأل نفسه« :من
الأخلاقي وتتجاوز الأحكام الأدب ودوره الاجتماعي أين تأتي نفيسة بكل هذه
من جهة ،وضرورة نقل الفلوس؟!» لم يكلف حسنين
الأخلاقية والعاطفية، الأفكار الأخلاقية والقوانين نفسه ولو حتى التوقف
إلى النطاقين الاجتماعي لعدة ثواني لكي يطرح هذا
والقانوني .والمقصود هنا التي تخدم الشرائح السؤال على نفسه .فهو في
بالنطاق الاجتماعي ،هو الحقيقة ،مشغول ج ًّدا بنفسه
النظر بعمق إلى الأوضاع وباعتداده بكرامته ومظهره،
الاجتماعية ،والاجتماعية-