Page 233 - m
P. 233

‫‪231‬‬         ‫الملف الثقـافي‬

‫يوهان جوته‬  ‫ليف تولستوي‬      ‫فيودور دوستويفسكي‬                 ‫وانحيازاتها الهشة غير المبنية‬
                                                                    ‫على العقل وعلى المصالح‬
                    ‫الدعم‪.‬‬      ‫الأكثر تعقي ًدا‪ ،‬نظ ًرا لتعقد‬                    ‫الواقعية‪.‬‬
      ‫هناك عوامل مشتركة‬      ‫تركيبتها ونشأتها وتاريخها‬
    ‫بين محجوب عبد الدايم‬                                          ‫‪َ -2‬ق َّوادو نجيب‬
   ‫وحسنين‪ .‬ففكرة القوادة‬            ‫الاجتماعي ومسارها‬             ‫محفوظ ومصير‬
  ‫ترتبط عند الأول بزوجته‬          ‫في الحياة وتشابكها مع‬         ‫«نفيسة» بين «إي َّما‬
‫سميحة‪ ،‬وعند الثاني بأخته‬       ‫السياسة‪ .‬أي أن شخصية‬               ‫بوفاري» و»أ َّنا‬
    ‫نفيسة‪ .‬أي أننا هنا أمام‬  ‫محجوب عبد الدايم تقف على‬
    ‫مسألة أكثر من أخلاقية‬    ‫رأس قائمة القوادين في عالم‬              ‫كارينينا»‬
   ‫وأعمق من كونها مشكلة‬
  ‫نفسية أو مرتبطة بالنشأة‬                ‫نجيب محفوظ‪.‬‬                 ‫هناك مساحة مهمة في‬
     ‫وبالوضع الاجتماعي‪.‬‬              ‫وتنتهي هذه القائمة‬          ‫عالم الكاتب المصري نجيب‬
  ‫ولكن لا ينبغي أن نقع في‬          ‫بشخصية حسنين في‬
  ‫فخ إصدار الأحكام بسبب‬        ‫رواية «بداية ونهاية» وهي‬              ‫محفوظ (نوبل ‪)1988‬‬
      ‫العامل الأخلاقي‪ ،‬لأن‬        ‫الأكثر التبا ًسا‪ ،‬ومدعاة‬       ‫مخصصة للقوادين‪ ،‬ولعالم‬
  ‫التكوين النفسي والذهني‬          ‫للتفهم‪ ،‬وربما التعاطف‬           ‫القوادة‪ ،‬والتركيبة الذهنية‬
  ‫لا يمكن فصله عن النشأة‬         ‫أي ًضا‪ .‬فحسنين المغرور‬        ‫والنفسية والاجتماعية للقواد‪.‬‬
‫والوضع الاجتماعي‪ .‬وهناك‬      ‫والمتعالي‪ ،‬والمتعجرف نسبيًّا‪،‬‬
  ‫بطبيعة الحال استثناءات‪،‬‬      ‫لديه جوانب تثير التعاطف‬               ‫والقواد في عالم نجيب‬
 ‫لكنها تلك الاستثناءات التي‬      ‫والشفقة‪ .‬ولكن في نهاية‬               ‫محفوظ الروائي ليس‬
‫تؤكد القاعدة ولا تنقضها أو‬        ‫المطاف‪ ،‬من الصعب أن‬                ‫مري ًضا نفسيًّا أو قات ًل‬
                               ‫يتحول هذا التعاطف وهذه‬          ‫مغتصبًا متسلس ًل مثل القاتل‬
                              ‫الشفقة إلى شكل من أشكال‬             ‫المتسلسل‪ ،‬وإنما شخصية‬
                                                                ‫يمكن تفهمها وتفهم دوافعها‬
                                                                ‫النفسية والاجتماعية‪ ،‬ولكن‬
                                                                    ‫لا يمكن التعاطف معها‪.‬‬
                                                                ‫هناك بعض نماذج القوادين‬
                                                                    ‫الصارخة في عالم نجيب‬
                                                                  ‫محفوظ‪ .‬لكل منها طريقته‬
                                                                  ‫ودوافعه وتركيبته الذهنية‬
                                                                ‫والنفسية والاجتماعية‪ .‬تبدأ‬
                                                                   ‫هذه النماذج بالشخصية‬
                                                                   ‫الأهم والأخطر في رواية‬
                                                                  ‫«القاهرة الجديدة»‪ ،‬والتي‬
                                                                     ‫دخلت إلى الميثيولوجيا‬
                                                                   ‫المصرية وأصبحت صفة‬
                                                                 ‫أو «سمة» معبرة دلاليًّا عن‬
                                                                    ‫المهنة والهوية والوظيفة‬
                                                                     ‫وطريقة التفكير‪ .‬وهي‬
                                                               ‫شخصية محجوب عبد الدايم‬
   228   229   230   231   232   233   234   235   236   237   238