Page 247 - m
P. 247

‫‪245‬‬             ‫الملف الثقـافي‬

‫ميخائيل باختين‬  ‫جابرييل جارثيا ماركيز‬  ‫إرنست همينغوي‬             ‫ولا شك في أن هذه التجربة‬
                                                                ‫اللغوية من الميزات المحفوظية‬
    ‫كبرى تقوم على مثل هذه‬            ‫مع جمال الغيطاني نبه‬
  ‫المتابعة‪« :‬لهذا تلاحظ دائما‬           ‫محفوظ إلى اهتمامه‬          ‫الرفيعة التي دعمت مكانة‬
                                                                     ‫اللغة الفصحى‪ ،‬وأثبتت‬
     ‫أنني أصور في كثير من‬           ‫بالعلاقات خصو ًصا بين‬           ‫قدراتها وتطور أساليبها‬
    ‫أعمالي علاقات أخوة بين‬       ‫الإخوة في مستوى الأسرة‪،‬‬
‫أشقاء‪ ،‬وهذا نتيجة لحرماني‬       ‫وفسر ذلك تفسي ًرا يقرب من‬         ‫بعي ًدا عن سهولة استعمال‬
‫من هذه العلاقة‪ ،‬يبدو هذا في‬      ‫التفسير النفسي‪ ،‬مشي ًرا إلى‬                ‫اللهجة المحكية‪.‬‬
‫الثلاثية وفي بداية ونهاية وفي‬   ‫أنه ُحرم من الإحساس بهذه‬
   ‫خان الخليلي»‪( .‬الغيطاني‪:‬‬       ‫العلاقة نظ ًرا للفارق الكبير‬    ‫وينطوي عالم محفوظ على‬
   ‫نجيب محفوظ يتذكر‪ ،‬ط‪،1‬‬                                             ‫مقدرة نبيهة في تصوير‬
 ‫دار المسيرة‪ ،1980 ،‬ص‪-9‬‬            ‫في السن بينه وبين سائر‬                ‫العلاقات الإنسانية‬
                                    ‫إخوته‪ ،‬فنشأ في وضعية‬              ‫والاجتماعية والفكرية‪،‬‬
                      ‫‪.)10‬‬           ‫أقرب إلى الطفل الوحيد‪،‬‬        ‫والعلاقة تعني راب ًطا بين‬
      ‫ومع أهمية الواقعية في‬       ‫ولاح ًقا عوض هذه العلاقة‬           ‫طرفين أو أطراف‪ ،‬فعلى‬
‫مسيرته وما نقلته إلى الرواية‬
 ‫العربية من تأثيرات متعددة‪،‬‬           ‫بعلاقة الصداقة‪ ،‬فكأن‬      ‫مستوى العائلة أو الأسرة لا‬
  ‫فإنه لم يكتف بها ولم يغلق‬      ‫المجموعات وشلل الأصدقاء‬        ‫يصور الأعضاء أو الأفراد في‬
    ‫تجربته عليها‪ ،‬وإنما كان‬                                      ‫ذاتهم فحسب‪ ،‬وإنما يصور‬
 ‫مشغو ًل دو ًما بتوسيع آفاقه‬         ‫التي كان يحرص عليها‬        ‫تطورهم من خلال علاقاتهم‪،‬‬
   ‫وتوسيع آفاق رواياته إلى‬        ‫صورة استعادية لما افتقده‬
‫مناطق أخرى لم يعالجها من‬                                          ‫فينظر في علاقة الأب بالأم‬
‫قبل‪ ،‬وهكذا أمكن الانتقال إلى‬        ‫قديما على نحو تعويضي‬        ‫وبقية أفراد الأسرة‪ ،‬ويتأمل‬
                                ‫رشيد‪ .‬وأبعد من هذا اهتمامه‬        ‫علاقة الأخوة بين الإخوان‬
                                 ‫بتصوير العلاقات بين أفراد‬
                                                                  ‫والأخوات‪ ،‬والعلاقات بين‬
                                    ‫الأسرة‪ ،‬وإقامته روايات‬         ‫الجيران والأصدقاء‪ .‬وإذا‬

                                                                      ‫ما انتقلنا من مستوى‬
                                                                  ‫العائلة إلى مستوى المجتمع‬
                                                                 ‫الأوسع فسنجد العلاقة بين‬
                                                                ‫الجماعات الفكرية والأحزاب‬

                                                                    ‫السياسية‪ ،‬والعلاقة بين‬
                                                                  ‫السلطة والمثقف‪ ،‬والمواطن‪،‬‬
                                                                ‫وصو ًل إلى العلاقات الكونية‪،‬‬

                                                                    ‫وهكذا‪ ،‬فيجوز القول إن‬
                                                                  ‫تأمل العلاقات مدخل مهم‬
                                                                  ‫من مداخل محفوظ‪ ،‬فض ًل‬
                                                                 ‫عن حاسته الذكية في التقاط‬
                                                                 ‫دبيب العلاقة وما هو ظاهر‬

                                                                     ‫وما هو باطن منها‪ ،‬مما‬
                                                                    ‫يسهم في إحداث التغيير‬
                                                                     ‫والتحول على مستويات‬

                                                                                    ‫مركبة‪.‬‬
                                                                  ‫وفي أحد حواراته وأحاديثه‬
   242   243   244   245   246   247   248   249   250   251   252