Page 252 - m
P. 252

‫العـدد ‪60‬‬                            ‫‪250‬‬

                              ‫ديسمبر ‪٢٠٢3‬‬                        ‫ومن بعده أدهم وزوجته‬
                                                               ‫اللذين شرعا في إقامة كوخ‬
    ‫الجبلاوي أطول حارة في‬          ‫ويفضي حلم العودة إلى‬
  ‫المنطقة‪ .‬وكثرت الأكواخ في‬       ‫البيت الكبير ‪-‬فيما بعد‪-‬‬         ‫لهما عند الطرف الغربي‬
                                   ‫بـ»أحفاد الجبلاوي» إلى‬     ‫للبيت الكبير‪« :‬كانا يجيئان‬
    ‫منتصفها حتى الجمالية‪.‬‬     ‫ارتكاب جريمة قتل‪ ،‬وخاصة‬
    ‫ويقع بيت الناظر الواقف‬                                          ‫بالأحجار من المقطم‬
  ‫على رأس الصف الأيمن من‬            ‫مع إرساء مبدأ تفضيل‬          ‫ويجمعان الصفائح من‬
   ‫المساكن‪ .‬وبيت الفتوة على‬     ‫أحد الإخوة على الباقين من‬         ‫سفح الجبل ويلتقطان‬
  ‫رأس الصف الأيسر قبالته‬
‫ولم يبق من أحفاد الجبلاوي‬         ‫جانب الجبلاوي‪ .‬وهو ما‬            ‫الأخشاب من مشارف‬
‫الذين عاشوا وماتوا في البيت‬   ‫تظهر بوادره في الحوار الذي‬      ‫العطوف والجمالية وباب‬
     ‫الكبير إلا الأفندي ناظر‬
   ‫الوقف في ذلك الوقت‪ ،‬ذلك‬       ‫يدور ما بين أدهم وولديه‬          ‫النصر» (أولاد حارتنا‪،‬‬
‫الناظر الذي لم يعد يعيش فيه‬      ‫همام وقدري‪ ،‬حيث اختار‬                          ‫ص‪.)54‬‬
 ‫بل أصبح له بيت خاص به‪:‬‬
    ‫«أقيمت بيوت الوقف في‬            ‫الجبلاوي حفيده همام‬        ‫وبنى إدريس كوخه بجوار‬
  ‫خطين متقابلين يصنعان‬          ‫للإقامة في البيت دون بقية‬         ‫ساحة البيت‪ ،‬وكان هذا‬
     ‫حارتنا‪ .‬ويبدأ الخطان‬      ‫أبنائه وأحفاده‪ ،‬وهو ما يعد‬           ‫هو ميلاد الحارة التي‬
    ‫من خط يقع أمام البيت‬
   ‫الكبير‪ ،‬ويمتدان طو ًل في‬       ‫تكرا ًرا للحوار ذاته الذي‬     ‫أخذت تكبر في أرض وقف‬
 ‫اتجاه الجمالية‪ .‬أما البيت‬      ‫جرى ما بين الأخوين أدهم‬          ‫الجبلاوي‪ .‬وقد أقيمت في‬
  ‫الكبير فقد ُترك خال ًيا من‬    ‫وإدريس‪ ،‬حيث اتهم قدري‬
   ‫جميع الجهات على رأس‬                                                   ‫خطين متقابلين‪.‬‬
‫الحارة من ناحية الصحراء‬           ‫همام بأنه يسعى للعودة‬           ‫ويكاد يكون حلم العودة‬
 ‫وحارتنا‪ ،‬حارة الجبلاوي‪،‬‬       ‫إلى البيت الكبير مما أدى في‬      ‫إلى البيت الكبير أو «الجنة‬
‫أطول حارة في المنطقة‪ .‬أكثر‬    ‫نهاية الأمر إلى أن يقتل قدري‬     ‫المفقودة» هو الحلم المهيمن‬
‫بيوتها ربوع كما في حي آل‬                                      ‫الذي يطارد أدهم الذي ُط ِرد‬
 ‫حمدان‪ ،‬وتكثر الأكواخ من‬                      ‫أخاه همام‪.‬‬       ‫منها يو ًما‪ ،‬وهو المكان الذي‬
   ‫منتصفها حتى الجمالية‪.‬‬           ‫كبرت الحارة مع الزمن‬         ‫كان ينعم فيه بالراحة قبل‬
  ‫ولن تتم الصورة إلا بذكر‬      ‫وأصبحت عدة أحياء مسماة‬          ‫أن يغادرها إلى حياة شقية‪:‬‬
‫بيت ناظر الوقف على رأس‬         ‫بأسماء أحفاد أدهم‪ ،‬الأبطال‬    ‫«العمل من أجل القوت لعنة‬
 ‫الصف الأيمن من المساكن‪،‬‬           ‫الذين وقفوا ضد الظلم‪:‬‬       ‫اللعنات‪ ،‬كنت في الحديقة‬
     ‫وبيت الفتوة على رأس‬        ‫حي أدهم وحي جبل وحي‬              ‫أعيش‪ ،‬لا عمل لي إلا أن‬
    ‫الصف الأيسر قبالته»‪.‬‬           ‫الرفاعيين‪ .‬وظلت حارة‬      ‫أنظر إلى السماء أو أنفخ في‬
     ‫(أولاد حارتنا‪ ،‬ص‪)115‬‬                                      ‫الناي‪ ،‬أما اليوم فلست إلا‬
     ‫وتظل أحداث الحارة في‬                                    ‫حيوا ًنا‪ ،‬أدفع العربة أمامي‬
                                                                ‫ليل نهار في سبيل شيء‬
        ‫الرواية كلها مرهونة‬                                    ‫حقير نأكله مسا ًء ليلفظه‬
  ‫بالأوضاع في البيت الكبير‪،‬‬                                   ‫جسمي صبا ًحا‪ ،‬العمل من‬
                                                              ‫أجل القوت لعنة اللعنات‪،‬‬
    ‫حيث نجد ارتباط تصاعد‬                                          ‫الحياة الحقة في البيت‬
‫الظلم في الحارة بطول فترات‬                                   ‫الكبير‪ ،‬حيث لا عمل للقوت‬
                                                                   ‫وحيث المرح والجمال‬
   ‫صمت الجبلاوي‪ ،‬وهو ما‬                                        ‫والغناء»‪( .‬أولاد حارتنا‪،‬‬

                                                                                ‫ص‪)61‬‬
   247   248   249   250   251   252   253   254   255   256   257