Page 257 - m
P. 257

‫‪255‬‬         ‫الملف الثقـافي‬

‫سلامة موسى‬  ‫جمال الغيطاني‬     ‫ألبرتو مورافيا‬                  ‫لآليات التجديد التي تسير‬
                                                               ‫مع تدفق ماء النهر‪ ،‬يترك‬
      ‫ومدرسة يشار إليها‬          ‫السيرة الذاتية‪ /‬وأحلام‬
    ‫بالبنان‪ ،‬ويلتف حولها‬        ‫فترة النقاهة) لا يظن أب ًدا‬      ‫هؤلاء يسمون‪ ،‬وهؤلاء‬
    ‫المريدون‪ .‬تعلم من طه‬       ‫أن الذي كتب هذا هو الذي‬         ‫يصنفون‪ ،‬وهو يهرب إلى‬
    ‫حسين ثورته الفكرية‪،‬‬          ‫كتب ذاك‪ .‬وهذا تصريح‬         ‫صومعته‪ ،‬يكتب ويعيد على‬
 ‫وعدم الثقة في المتاح دون‬     ‫يؤكد أن نجيب محفوظ كان‬          ‫نفسه ما كتب وأعاد‪ ،‬حتي‬
                              ‫على وعي تام بمراحل حياته‬          ‫يقتنع تما ًما إلى ما انتهى‬
      ‫غربلة وشك‪ ،‬وإعادة‬         ‫الإبداعية‪ ،‬مهمو ًما بتغيير‬     ‫إليه قلمه‪ ،‬فيتركه متوه ًما‬
     ‫قراءته من جديد‪ ،‬كما‬                                     ‫أنه آن الأوان أن ينام قرير‬
                                   ‫أدواته‪ ،‬دائم التجريب‪،‬‬       ‫العين‪ ،‬وينسي من س َّمى‬
       ‫أعطاه العميد نماذج‬        ‫مستفي ًدا من ثقافته التي‬     ‫وصنف‪ ،‬وسهر واختصم‪،‬‬
‫مختلفة من فن القصة حين‬            ‫تشمل كل جديد للمنتج‬
                               ‫الروائي العالمي في لغته أو‬         ‫وألف فإذا به تهاجمه‬
   ‫أنس إليه قا ًّصا‪ :‬الذاتية‬                                  ‫هواجس عمل جديد ينسى‬
   ‫في (الأيام) والأجيال في‬                     ‫مترج ًما‪.‬‬       ‫معه ما سبق من انشغال‬
   ‫(شجرة البؤس)‪ ،‬وتعلم‬          ‫لم يكن الرجل يو ًما جام ًدا‬
                                ‫متحج ًرا‪ ،‬ولا أسي ًرا لتيار‬             ‫بأعمال سالفة‪.‬‬
     ‫من قراءة العقاد قيمة‬                                       ‫هنا تكمن عظمة محفوظ‬
     ‫التكوين الثقافي للذات‬         ‫واحد‪ ،‬أو مدرسة فنية‬        ‫وخصوصيته‪ ،‬هذه العظمة‬
     ‫والاعتماد على النفس‪،‬‬         ‫واحدة‪ ،‬لماذا أي ًضا؟ لأنه‬  ‫التي أوصلته إلى هذه المكانة‬
   ‫وما يتركه هذا التكوين‬      ‫كان يعيش في عصر سيطر‬               ‫العالمية المرموقة‪ ،‬يكتب‬
   ‫وذاك الاعتماد من أنفة‪،‬‬        ‫عليه فكر الاختلاف‪ ،‬على‬          ‫عنه هذا الكم الكبير من‬
 ‫وثقة‪ ،‬واحترام الذات‪ ،‬وما‬        ‫الرغم مما كان يزخر به‬        ‫الدراسات الأكاديمية وغير‬
    ‫يخط القلم‪ ،‬وقيمة الفن‬        ‫من ائتلاف‪ ،‬لأن مفكريه‬         ‫الأكاديمية‪ ،‬وهذا الكم من‬
   ‫الأدبي كفن رفيع‪ ،‬يرفع‬        ‫كانوا روا ًدا كل في مجاله‪،‬‬    ‫الكتب والأبحاث والرسائل‬
 ‫من مكانة صاحبه ويسمو‬                                        ‫العلمية في مصر وخارجها‪،‬‬
                                                                ‫لماذا؟ لأن نجيب محفوظ‬
                                                                ‫ومن خلال ما سلف من‬
                                                               ‫سرد سمات تميز بها عن‬
                                                                 ‫غيره‪ ،‬وصارت خاصة‬

                                                                  ‫من خواصه‪ ،‬استطاع‬
                                                                 ‫أن يطور أدواته في كل‬
                                                               ‫مرحلة من مراحل حياته‬
                                                                  ‫الإبداعية التي مر بها‪،‬‬
                                                              ‫سمعت الغيطاني يقول في‬
                                                               ‫(برنامج حالة حوار‪ /‬مع‬
                                                                 ‫د‪.‬عمرو عبد السميع في‬
                                                             ‫التليفزيون المصري) إن من‬
                                                               ‫يقرأ الأعمال الأولى (عبث‬
                                                               ‫الأقدار‪ /‬رادوبيس) مث ًل‪،‬‬
                                                              ‫والأعمال الأخيرة (أصداء‬
   252   253   254   255   256   257   258   259   260   261   262