Page 260 - m
P. 260

‫العـدد ‪60‬‬          ‫‪258‬‬

                                                        ‫ديسمبر ‪٢٠٢3‬‬        ‫ذاته وما تفرضه عليه‬
                                                                        ‫الظروف المحيطة‪ ،‬فجاءت‬
   ‫الجديدة أكتوبر ‪،1930‬‬        ‫الناس بوجه ويعيشون‬
      ‫عن موضوع (المرأة‬       ‫بوجه آخر‪ ،‬وقف محفوظ‬                           ‫شخصيات‪ :‬السياسي‪،‬‬
       ‫والوظائف العامة)‬       ‫في وجه من ي َّدعون أنهم‬                 ‫المثقف‪ ،‬المأجور‪ ،‬الانتهازي‪،‬‬
                           ‫أصحاب رأي وفكر‪ ،‬وقدرة‬
   ‫السياسة الأسبوعية ‪11‬‬     ‫على القيادة والريادة‪ ،‬وهم‬                   ‫اليساري الصوفي الزاهد‪،‬‬
 ‫أكتوبر ‪( ،1930‬الشخص‬        ‫ذاتهم الذين ضلوا وأضلوا‬                    ‫والبغي‪ ..‬تحمل فكر الواقع‬
                             ‫غيرهم‪ ،‬كما وقف في وجه‬                     ‫الاجتماعي المحيط‪ ،‬والبيئة‬
     ‫الاجتماعي) السياسة‬    ‫سلطات غاشمة دون خوف‬
      ‫الأسبوعية ‪ 28‬مايو‬       ‫أو تنازل‪ ،‬فالدرس علمنا‬                     ‫التي احتضنت‪ ،‬فصارت‬
     ‫‪( ،1933‬عمد المجتمع‬     ‫أن الذين يمتطون الشعوب‬                   ‫كلها علامات تؤسس لهيكلية‬
    ‫لهنريك أبسن) المعرفة‬
  ‫يوليو وأغسطس ‪،1933‬‬           ‫في خضم تحريرهم من‬                           ‫البنية السردية في أدب‬
      ‫(الطبيعة والمجتمع)‬      ‫الاستغلال يكونون أكثر‬                      ‫محفوظ‪ ،‬إننا نرى البغي‬
  ‫الجهاد ‪( ،1935‬المجتمع‬    ‫استغلا ًل من سابقيهم‪ ،‬كان‬                     ‫تتمنى التوبة‪ ،‬وترغب في‬
                             ‫يحترم شهداء المظاهرات‪،‬‬                      ‫الاستقرار والزواج‪ ،‬كما‬
        ‫والرقي البشري)‬          ‫وفي الوقت ذاته يسخر‬                    ‫رأينا في الثلاثية على سبيل‬
    ‫المجلة الجديدة نوفمبر‬                                             ‫المثال‪ .‬وهذا ما جعل البعض‬
                                ‫من الخطباء المتشدقين‬                  ‫ينظر إلى أبطال محفوظ من‬
     ‫‪( ،1934‬الشخصية)‬          ‫بالشعارات‪ ،‬كان ذلك في‬                    ‫حيث التداخل بين الرمزي‬
    ‫المجلة الجديدة ‪،1934‬‬   ‫رواية الشحاذ عن المتسلقين‬                 ‫والواقعي‪ ،‬كما حدث مع بطل‬
‫(السيكولوجية واتجاهاتها‬      ‫الذين ركبوا موجة الثورة‬                   ‫القاهرة الجديدة (محجوب‬
‫وطرقها القديمة والحديثة)‬
    ‫المجلة الجديدة مارس‬            ‫وعبثوا بمنجزاتها‪.‬‬                        ‫عبد الدايم) الماركسي‬
    ‫‪ ..1935‬ولو نظرنا إلى‬         ‫لو أننا تتبعنا التطور‬                 ‫الانتهازي الذي يتحول في‬
  ‫الفكر الذي أراد محفوظ‬    ‫الفكري لنجيب محفوظ منذ‬                       ‫لحظة إلى كل شيء‪ ،‬وهو‬
   ‫أن يصل به إلى الناس‪،‬‬    ‫البداية‪ ،‬سنلاحظ أن مقالاته‬
  ‫أو أن يعتنقه سنجده هو‬     ‫الفلسفية التي نشرها بداية‬                     ‫يعرف من داخله أنه لا‬
 ‫الذي أقبل عليه من خلال‬      ‫حياته‪ ،‬حين كان يتجه إلى‬                 ‫شيء‪ ،‬وأن الواقع المأزوم هو‬
   ‫رواياته وقصصه‪ ،‬هي‬         ‫تكملة مشواره الأكاديمي‪،‬‬
  ‫نفسها الأفكار الفلسفية‬   ‫وكان أساتذته في هذا الوقت‬                   ‫من ألقى به في هذه الحفرة‬
  ‫التي دارت في فلكها هذه‬       ‫روا ًدا وقادة فكر أقرب‬                ‫العميقة‪ ،‬فصار كأي سمسار‬
                              ‫منهم إلى الأدب والكتابة‬                ‫سيئ السمعة يتاجر في القيم‬
                ‫المقالات‪.‬‬  ‫الإبداعية بصنوفها المختلفة‪.‬‬               ‫والمبادئ‪ ،‬وهو في الوقت ذاته‬
      ‫كان للترحيب بنشر‬      ‫بدأ ينشر مقالاته في المجلة‬
   ‫المقالات والقصص دور‬      ‫الجديدة التي كان يصدرها‬                     ‫صاحب المبادئ والمناضل‬
    ‫كبير في إقبال محفوظ‬     ‫سلامة موسى‪ ،‬والسياسة‬                      ‫والحبيب‪ .‬ثم نرى شخصية‬
     ‫عليها «كنت أكتب مع‬      ‫الأسبوعية ومعظمها كان‬
       ‫المقال‪ ،‬الأقصوصة‬     ‫يتناول الظواهر الاجتماعية‬                  ‫السيد عبد الجواد صاحب‬
    ‫والرواية‪ ،‬وكان المقال‬        ‫والنفسية والمعتقدات‪،‬‬                ‫الوجوه المتعددة الذي يعيش‬
‫يقبل للنشر‪ ،‬والأقصوصة‬        ‫فقد جاءت بعض عناوينه‬                    ‫في بيته (بيت العائلة) بشكل‪،‬‬
 ‫والرواية ترفضان‪ ،‬وجاء‬     ‫كالتالي‪( :‬احتضار معتقدات‬                  ‫وخارج هذا البيت في لحظات‬
‫وقت قبل فيه الأقصوصة‬           ‫وتولد معتقدات) المجلة‬
    ‫فانصرفت إلى كتابتها‬                                                 ‫الأنس والمرح بشكل آخر‪،‬‬
‫ونشرها»(‪ .)4‬كتب محفوظ‬                                                ‫لقد فضح محفوظ من خلال‬

                                                                       ‫هذه النماذج المدعين الذين‬
                                                                         ‫يعيشون حالة الانفصام‬
                                                                        ‫والتشرذم‪ ،‬من يواجهون‬
   255   256   257   258   259   260   261   262   263   264   265