Page 265 - m
P. 265
حين اختار المؤلف الزقاق جعله من الخوارق أن يقصد أفندي
بنية مكانية ثابتة الشخوص ،فهم قبله قهوة مفتوحة لكل
ينزحون عنه ،ويعودون إليه (الأزهر/ طارق» (ص.)164
الغورية /الحلمية /شريف باشا/ نالت القهوة /المكان في أعمال
ميدان الملكة فريدة /عماد الدين).. محفوظ اهتما ًما كبي ًرا ،فهي
كلها أماكن لتجوال شخوص الرواية، عصب الحياة في المناطق
الشعبية ،حركتها وسكونها،
وتجوال الطفل القديم الذي رأى، صمتها وضجيجها،
هي أماكن خروجه للمدرسة /للعب/ لقاء الأصدقاء ،وسمر
للتجوال ،أو استكشا ًفا لمكان يؤدي المتسامرين ،معاهدات الصلح
إلى مكان بصحبة رفاق المكان بعد وإعادة حقوق المظلومين،
أن تخلص من يد الأم ،ليخوض هو صفقات البيع والشراء،
الحرية في الابتسامة
تجربته بنفسه. والضحك في السياسة
والاجتماع والسخرية التي
كان يكب عامل على تركيب نفسي»(.)7 وصلت إلى السخرية من
مذياع نصف عمر بجدارها، حين يصف محفوظ الزقاق الذات نفسها ،وغير ذلك
وتفرق نفر قليل بين مقاعدها في المساء تكون القهوة هي
مؤنسه الوحيد حين تسكن كثير ،كما أنها تعد من مكامن
يدخنون الجوز ويشربون الأجساد في أكنانها ،وتهدأ الطفولة والصبا ،في ذاكرة
الشاي» (ص.)7 الأنفاس في أقفاصها ،وتخفت محفوظ التي لم تترك شيئًا
يتفلت منها إلا واستفادت
إن المكان /الزقاق يحمل الإضاءات ويعود الظلام منه ،حكي محفوظ كثي ًرا
قداسة القديم ،حين يكون للظهور «وكان المدق يغرق عن المقاهي في حواراته،
لتاريخ الأمكنة وقا ًرا ،وحين في الصمت لولا أن مضت يذكر محمد جبريل أنه قال
قهوة كرشه ترسل أنوارها له «إن أشد الأمكنة أث ًرا في
يكون للتقاليد والعادات نفسي ،هو حي الحسين
حرمة لا يمكن تجاوزها ،فمن من مصابيح كهربائية، وآثار القاهرة ..والمقاهي..
عشش الذباب بأسلاكها، ويردف بعفويته الطيبة،
تمرد عليها لا سلم ولا نعم وراح يؤمها السمار ،هي إنه يحب قعدة الشارع
ولا غنم ،ومن اخترق حرمتها حجرة مربعة الشكل في حكم والرصيف ،ويحب المقاهي
البالية ،ولكنها على عفائها
قذفته خارج أسوارها، تزدان جدرانها بالأرابيسك، لأنها هي التعبير عن الشارع
صفعته حوائط الشوارع فليس لها من مطارح المجد والرصيف ..أنا من جيل
بأكفها الثقيلة ،ولذلك حين إلا تاريخها ،وعدة أرائك
تحيط بها ،وعند مدخلها شب على رهبة البيوت ولم
تمرد (حسين كرشة) يسمع ضحكة في بيته القديم،
وخرج ،كان مصيره مصي ًرا حريتي في الشارع ،ولما كان
محتو ًما ،صار إلى عتبات اللقاء في الشارع مستحي ًل،
الانهيار ،فكان يجب أن يعود فقد فرضت القهوة علينا
شخصيتها ،وصار اللقاء في
القهوة من أحب الأشياء إلى