Page 268 - m
P. 268

‫العـدد ‪60‬‬                                                        ‫‪266‬‬

                               ‫ديسمبر ‪٢٠٢3‬‬                                                 ‫محمد‬
                                                                                           ‫بهضوض‬
        ‫وإحباطاتها‪ ،‬بقدر ما‬    ‫«ربما كان من الخطأ أن‬           ‫نجيب محفوظ وصراع التأويلات‪..‬‬
  ‫استطاعت أن تعطينا كذلك‪،‬‬      ‫نبحث في هذه الدنيا عن‬               ‫“أولاد حارتنا” نموذجً ا‬ ‫(المغرب)‬
  ‫وربما أكثر من ذلك‪ ،‬صورة‬      ‫معنى‪ ،‬بينما مهمتنا الأولى أن‬
‫عن البشرية ككل في صراعها‬       ‫نخلق هذا المعنى»‬
   ‫التراجيدي الحضاري‪ ،‬من‬       ‫(كمال‪ ،‬في «الثلاثية»)‬
‫أجل تحقيق ذاتها على الأرض‪.‬‬
   ‫وربما كانت رواية «أولاد‬          ‫توفي نجيب محفوظ‬
‫حارتنا»‪ ،‬التي نشرتها جريدة‬
‫«الأهرام» للكاتب سنة ‪،1959‬‬       ‫(الجبلاوي)‪ ،‬بعد أن أجهده‬
                                ‫العمر‪ ،‬تار ًكا أبناءه في صراع‬
      ‫هي الرواية التي تكثف‬
    ‫وتلخص أكثر هذا المعنى‪،‬‬       ‫عبثي حول الوقف‪ /‬النص‪،‬‬
  ‫وتعطينا صورة حقيقية عن‬        ‫من منهم يستحوذ قبل غيره‬
   ‫أدب نجيب محفوظ‪ ،‬ومدى‬
                                  ‫على سره المكنون ليمارس‬
       ‫تأثيره في أجيال النقاد‬  ‫بواسطته الغلبة و»الفتوة» على‬
  ‫والقراء العرب (والأجانب)‪،‬‬
  ‫والصراعات التي قامت‪ ،‬ولا‬                       ‫الآخرين؟‬
                                  ‫ذهب أديبنا الفيلسوف بعد‬
    ‫تزال وستظل قائمة حول‬         ‫ثلثي قرن من العطاء الأدبي‬
      ‫سبل تفسيره وتأويله‪.‬‬         ‫الفذ‪ ،‬بدأه بقصته القصيرة‬
                                  ‫«ملوك تحت الأرض» التي‬
‫وهو ما سأسعى إلى الوقوف‬
   ‫عنده في هذه الدراسة‪ ،‬عن‬          ‫نشرها في مجلة الشباب‬
  ‫طريق رصد أهم الاتجاهات‬          ‫سنة ‪ ،1930‬وأنهاه بنصه‬
     ‫التي حاولت تفسير هذه‬         ‫«أحلام فترة النقاهة» الذي‬
     ‫الرواية الفذة‪ ،‬وإشكالية‬
                                     ‫نشره سنة ‪ ،2006‬أي‬
‫صراع التأويلات الذي ولدته‪.‬‬           ‫قبل وفاته بقليل‪ .‬وهي‬
   ‫وهذا بغية إعطاء نظرة عن‬          ‫رحلة طويلة‪ ،‬دامت ثلثي‬
                                     ‫قرن‪ ،‬قدم خلالها أديبنا‬
‫مدى غنى نص نجيب محفوظ‬              ‫أعما ًل أدبية كثيرة (تعدت‬
 ‫وعطاء الروائي الغزير‪ ،‬وهي‬        ‫الخمسين عنوا ًنا)‪ ،‬تعددت‬
                               ‫موضوعاتها وأسالبيها الفنية‪،‬‬
      ‫طريقتنا كذلك ‪-‬كقراء‪-‬‬        ‫من التاريخية إلى الواقعية‪،‬‬
 ‫لتقديم آيات الشكر والتقدير‬           ‫فالفلسفية والسياسية‬
 ‫لشخصه‪ ،‬والاعتراف بجهده‬            ‫والرمزية والصوفية‪ ،‬وما‬
                               ‫يخرج عن أي تصنيف محدد‪.‬‬
    ‫الأدبي والإنساني النبيل‪.‬‬     ‫وهي موضوعات وأساليب‪،‬‬
                                 ‫استطاعت أن تعطينا صورة‬
  ‫اتجاهات التفسير‬              ‫مركبة عن مصر «المحروسة»‬
                                  ‫القديمة والحديثة‪ ،‬تاريخها‬
  ‫أثارت أعمال نجيب محفوظ‬
     ‫عدة ردود فعل أكاديمية‬              ‫وحضارتها ومدنها‬
                                  ‫و»حاراتها» الغنية برجالها‬
  ‫وشعبية وإعلامية‪ .‬ما يمكن‬       ‫ونسائها وفنونها وأحلامها‬
   ‫تلخيصه‪ ،‬عمو ًما‪ ،‬في ثلاثة‬
    ‫مواقف هي‪ :‬موقف علماء‬
   263   264   265   266   267   268   269   270   271   272   273