Page 273 - m
P. 273
الملف الثقـافي 2 7 1
الظاهري .ولكنه كان ولا علي زيعور تهاجم الإسلام».
يزال يمر بفترة انتقال تتواجد والحال ،أن «أولاد حارتنا
فيها الغرائز والعقل م ًعا .فما بسيطة .أجل ،إن تفكيرنا لا تتعارض مع الأديان أو
يقوله العقل تعارضه الغرائز في الحياة كوجود يجردها الذات الإلهية ،فهي تعرض
من كل شيء إلا من الوجود تصو ًرا للخير والشر ،والدين
ولا يزال النصر مقرر حتى والعدم ،ولكن تفكيرنا فيها نفسه عرض قصة الخير
اليوم للغرائز على الأقل في كمجتمع يرينا مآسي كبيرة والشر ،وقصة عصيان إبليس
الحياة العامة ،لم يظفر العقل مفتعلة من صنع الإنسان
بالسيادة المطلقة إلا في العلم» كالجهل والفقر والاستعباد للذات الإلهية ،بل ذكرت
فيها أن الدين لعب دو ًرا في
(من رواية :قلب الليل) والعنف». تطوير البشرية والدفاع عن
«أما مأساتي الخاصة فنشأت «ثمة مأساة خاصة هي أبنائها باسم المبادئ الإلهية،
من الصراع بين عقلي ،وبين مأساة الإنسان العاقل ،فقبل
خلق العقل كان الإنسان وأن رواية أولاد حارتنا
إيماني الراسخ بالله» .و»أن منسج ًما مع ذاته وحياته هي تبشير لالتحام العلم
في أعماق قلبي وروحي إيما ًنا حياة صراع قاسية .ولكن
بالله لم تنتزعه حتى دراستي يبدو ألا حيلة له فيها مثل أي والإيمان».
للفلسفة ولا تفكيري المتصل حيوان آخر .فلما أن وهب «شخصياتي هم أولادي،
في مشاكل الإنسان والمجتمع العقل وشرع يخلق الحضارة بمعنى أني أنا الذي خلقتهم
حمل أمانة جديدة /مسؤولية واخترتهم ،فهم يحملون
والكون». لا مفر منها وفي نفس الوقت رؤيتي ويعكسون ذوقي
نعم ،إن هذه المأساة هي التي هو غير أهل لتحملها ،بدأ ونظرتي للحياة في تنوعها
يدرك النظرة الشاملة ،وأن
جعلت آراء نجيب محفوظ حياته على الأرض هي حياة واختلافها».
تبدو وكأنها غير صادرة رجل واحد رغم التناقض «كنا نعبر عن رأينا بالكناية
عن شخص واحد ،فهي والرمز ،لأن الحرية داخل
تكاد تعكس كل الحساسيات حكم شمولي كانت له سطوته
والرقابة في داخله شديدة،
المتناقضة لعلماء الدين كنا نمثل نو ًعا من المعارضة
والمثقفين العلمانيين في
آن واحد :الإيمان /العقل، أو النقد الذاتي ،فالإنسان
الدين /الدنيا ،الوجود/ يتحايل على التعبير عندما
العدم..إلخ .إن الروائي بهذا يستحيل عليه التعبير الصريح
المعنى هو في ذات الوقت أديب
وفيلسوف ورجل دين وعالم المباشر».
اجتماع وسياسي ومثقف «مادامت الحياة تنتهي
ومتصوف ،هذا ما تشي به بالمعجزات والموت فهي مأساة
كلماته ،فأي جانب نأخذه وقد ترى هذه المأساة مبكية
مضحكة ،ولكنها على أية حال
منها؟ مأساة :وحتى الذين يرون
د -السلطة: الحياة معب ًرا للآخرة .فتعبير
لا بد أن أشير إلى مدى تأويل المأساة ينطبق على جزئها
السلطة السياسية لعمله ،كي الأول ،وإن انقلبت إلى غير
أخلص إلى أن «من ليس مع ذلك عند شمولها للكل .ولكن
السلطة فهو ضدها» .وقد مأساة الحياة مركبة وليست
كان نجيب محفوظ كذلك،