Page 275 - m
P. 275

‫الملف الثقـافي ‪2 7 3‬‬

‫علي حرب‬  ‫سلمان رشدي‬             ‫جون لوك‬                        ‫هي «حقيقة النص» موضوع‬
                                                                                 ‫التأويل؟‬
   ‫والضجيج‪ ،‬الأطفال الحفاة‬          ‫«أولاد حارتنا»‪ ،‬هي من‬
  ‫أشباه العرايا يلعبون في كل‬        ‫أمهات الكتب التي تتيح‬        ‫تثير هذه الأسئلة إشكالية‬
 ‫مكان‪ ،‬وتكتظ مداخل البيوت‬          ‫إمكان التأويل اللامحدود‬        ‫قديمة حديثة حول ماهية‬
 ‫بالنساء‪ ،‬هذه تخرط الملوخية‬      ‫للنص‪ .‬وهو ما يفسره ذلك‬           ‫النص في الفلسفة والدين‬
                                  ‫الاختلاف الحاد الذي طبع‬      ‫والأدب‪ ،‬واللغة بصفة عامة‪.‬‬
   ‫وتلك تقشر البصل وثالثة‬       ‫المواقف حولها لا فقط داخل‬          ‫إنها محاولة لفهم النص‬
  ‫توقد النار‪ ،‬يتبادلن الحديث‬      ‫الحقلين العلماني والديني‬    ‫واستنطاقه‪ ،‬التي هي محاولة‬
                                   ‫وبينهما‪ ،‬ولكن حتى لدى‬           ‫‪-‬كما نعرف‪ -‬عريقة في‬
     ‫والنكات وعند الضرورة‬       ‫المؤلف نفسه‪ .‬إنها تجمع كما‬     ‫التاريخ القديم (علم الألغاز‪،‬‬
   ‫الشتائم والسباب‪ ،‬والغناء‬       ‫رأينا بين الأدب والفلسفة‬       ‫القطاع الصوفي‪ ،‬الباطنيات‬
    ‫والبكاء لا ينقطعان‪ ،‬ودقة‬    ‫والدين والسياسة والواقعية‬      ‫الإسلامية‪ ،‬تأويل الأحلام‪)..‬‬
 ‫الزار تستأثر باهتمام خاص‪،‬‬       ‫والتجريد والدلالة المباشرة‬
                                ‫والرمزية واللوغوس والنص‬             ‫والحديث مثل‪ :‬التأويل‬
       ‫وعربات اليد في نشاط‬       ‫(‪ ،)..‬بل‪ ،‬وكأنها لا تتحدث‬        ‫(الهرمنوتيكا)‪ ،‬والتفكيك‪،‬‬
‫متواصل‪ ،‬ومعارك بالألسن أو‬        ‫عن الواقع بحرفيته البالغة‬    ‫وتحليل الخطاب‪ ،‬وعلم النص‪.‬‬
                                ‫الدقة إلا لكي تتعالى عنه إلى‬
 ‫بالأيدي تنشب هنا أو هناك‪،‬‬                                             ‫ب‪ -‬تعدد التأويل‪:‬‬
 ‫وقطط تموء وكلاب تهر‪ ،‬وما‬              ‫حيث المجاز الرحب‪.‬‬       ‫وهي على حد قول علي حرب‬
                                    ‫يقول نجيب محفوظ في‬         ‫«نظرة تقليدية للنص قوامها‬
    ‫أن يحسب شاب في نفسه‬            ‫أولاد حارتنا «كان طعام‬      ‫أن الخطاب يعبر بالتمام عن‬
‫جرأة أو في عضلاته قوة حتى‬        ‫حارتنا كحاله اليوم الزحام‬     ‫مراد صاحبه وأنه ينص على‬
                                                                ‫معنى بعينه ظاهر أو خفي‪.‬‬
  ‫يندفع إلى التحرش بالآمنين‬                                   ‫وأن مهمة المفسر هي الكشف‬
      ‫والاعتداء على المسالمين‪،‬‬                                  ‫عن مقاصد المؤلف بإيضاح‬

  ‫فيفرض نفسه على حي من‬                                           ‫المعنى»‪ .‬والحال أن أمهات‬
   ‫أحياء الحارة‪ ،‬ويعيش ولا‬                                       ‫الكتب‪ ،‬والنصوص الكبرى‬
                                                                ‫من أديان وفلسفات وآداب‬
                                                                ‫وفنون‪ ،..‬عادة ما تعطى لها‬
                                                                 ‫أو تفرز تفسيرات مختلفة‬

                                                                    ‫باختلاف «أهواء الرواة‬
                                                               ‫وتحزباتهم» والأطر المعرفية‬
                                                              ‫في كل زمان ومكان‪« .‬فالنص‬
                                                               ‫بهذا المعنى هو الذي يتجاوز‬
                                                               ‫مقاصد مؤلفه ليستقل بذاته‬
                                                               ‫كنص خالق للدلالات‪ ،‬مفتوح‬
                                                              ‫على كل الاحتمالات؛ إن النص‬
                                                              ‫هو أب ًدا أقل أو أكثر أو غير ما‬
                                                               ‫يقوله ويصرح به‪ ،‬إنه إمكان‬

                                                                          ‫للتفكير والفهم»‪.‬‬
                                                                 ‫ولعل رواية نجيب محفوظ‬
   270   271   272   273   274   275   276   277   278   279   280