Page 280 - m
P. 280

‫العـدد ‪60‬‬                                                              ‫‪278‬‬

                              ‫ديسمبر ‪٢٠٢3‬‬                                                      ‫عصام‬
                                                                                               ‫الزهيري‬
  ‫لك بصدق بصيرتك‪ ،‬وقوة‬          ‫«إنني أكتب الرواية أو‬        ‫«نجيب محفوظ»‪ :‬صوفي يهتم بمصير‬
‫استدلالك‪ ،‬ولك أن تنشر عني‬                                        ‫الإنسان على الأرض لا في السماء‬
                                    ‫القصة فيفسرها الناقد‬
  ‫بأن تفسيرك للأعمال التي‬     ‫التفسير الذي يريد ويفسرها‬
‫عرضتها هو أصدق التفاسير‬
                                    ‫القاريء التفسير الذي‬
           ‫بالنسبة لمؤلفها»‪.‬‬         ‫يريد ولكل منهما حقه‬
    ‫نشرت الطبعة الأولى من‬          ‫في التفسير‪ ..‬وربما كان‬
   ‫كتاب طرابيشي في مارس‬           ‫تفسير الناقد أو القاريء‬
                                 ‫يختلف تما ًما عن تفسيري‬
      ‫‪ ،1973‬ثم صدرت منه‬         ‫أنا الخاص ورؤيتي الذاتية‬
     ‫طبعتان تاليتان آخرهما‬    ‫للعمل مثلما حدث أخي ًرا معي‬
  ‫بعد خمسة عشر عا ًما سنة‬     ‫بعد أن نشرت آخر حوارياتي‬
     ‫‪ 1988‬عام فوز محفوظ‬        ‫«حارة العشاق»‪ .‬لقد التقيت‬
     ‫بجائزة نوبل‪ .‬وما يميِّز‬    ‫بعدد من الأصدقاء والنقاد‬
     ‫بحث طرابيشي ويجعله‬         ‫فقال كل منهم شيئًا مختل ًفا‬
‫جدي ًرا بالحفاوة بعد أكثر من‬   ‫عن الآخر في هذه الحوارية‪..‬‬
‫نصف قرن على صدوره‪ ،‬هو‬               ‫وأقول إن كل ما قالوه‬
  ‫دقته وإخلاصه‪ ،‬بالإضافة‬      ‫يختلف تما ًما عما كان يجول‬
   ‫لبراعته في تناول وتحليل‬          ‫في رأسي وأنا أكتبها‪..‬‬
‫أعمال محفوظ التي كانت قد‬         ‫ولكنني أقول أي ًضا إن من‬
   ‫صدرت حتى ذلك الوقت‪،‬‬          ‫حق كل منهم أن يرى منها‬
      ‫ليس من خلال موقف‬
 ‫إيديولوجي أو منظور ديني‬                        ‫ما يريد»‪.‬‬
      ‫أو سياسي استقطابي‬       ‫نجيب محفوظ‪ ،‬مجلة الهلال‪،‬‬
    ‫مسبق‪ ،‬سواء كان مع أو‬      ‫فبراير ‪.1970‬‬
 ‫ضد فكرة معينة‪ ،‬ولكن عبر‬
‫أعمق استقصاء ممكن لدوائر‬                ‫***‬
‫الرمزية المحفوظية التي بلغت‬     ‫يبقى كتاب المفكر السوري‬
  ‫أوجها ‪-‬لأسباب مفهومة‪-‬‬
‫كلما تعرضت للفكرة الدينية‪.‬‬          ‫جورج طرابيشي «الله‬
  ‫وسواء أتت رمزية محفوظ‬            ‫في رحلة نجيب محفوظ‬
     ‫في الموضوع الديني من‬         ‫الرمزية» واح ًدا من أعمق‬
‫منظور فلسفي‪ /‬روحاني‪ ،‬أو‬         ‫الاستبصارات النقدية التي‬
‫من منظور اجتماعي‪ /‬مادي‪،‬‬         ‫قدمها النقد العربي في أدب‬
   ‫فسوف أقدم في هذا المقال‬       ‫نجيب محفوظ‪ ،‬من زاوية‬
   ‫نموذجين لكلا المنظورين‪،‬‬    ‫تعاطيه الرمزي مع الموضوع‬
 ‫مع التحليل المعمق الذي قام‬     ‫الديني‪ .‬خاصة وأن الكتاب‬
 ‫به «طرابيشي» في تناولهما‪.‬‬          ‫يكاد أن يرقى ‪-‬بتعليق‬
   ‫والعملان م ًعا يمثلان ‪-‬في‬    ‫نجيب محفوظ نفسه عليه‪-‬‬
  ‫تقديري‪ -‬نموذجين للبحث‬            ‫إلى مقام الوثيقة النقدية‬
‫المحفوظي في قضية الألوهية‬        ‫في موضوعه‪ ،‬إذ علَّق عليه‬
                               ‫محفوظ في رسالة إلى مؤلفه‬
                                 ‫بالقول‪« :‬بصراحة أعترف‬
   275   276   277   278   279   280   281   282   283   284   285