Page 281 - m
P. 281
الملف الثقـافي 2 7 9
نيكولاس كوبرنيكوس سيجموند فرويد تشارلز داروين على المستويين الفردي
والاجتماعي لو صح التعبير،
والشيخ زعبلاوي في القصة العلم والنبوة ستدرك
ول ٌّي صاد ٌق من أولياء الله، البشرية غاياتها .وهاهنا النموذج الأول هو قصة
وضرورة العثور عليه يطرح الناقد سؤا ًل على قدر «زعبلاوي» من مجموعة
بالنسبة للراوي ناجمة عن كبير من الأهمية هو :هل هي «دنيا الله» ،والثاني «حكاية
إصابته بـ»الداء الذي لا صوفية جديدة كما حاول
بعض النقاد أن يؤكدوا ذلك؟ بلا بداية ولا نهاية»،
دواء له عند أحد» ،وهذا الداء واللتان يعتبرهما طرابيشي
بفرديته الظاهرة الأقرب ويجيب إجابة دالة: بمثابة إعادة تخطيط لتناول
«لا نعتقد ذلك ،لأن نجيب محفوظ في روايته الأشهر
لداء المتصوفة يبقى إلى آخر محفوظ مهتم قبل كل شيء،
القصة معطى لا تعليل له، وبخلاف المتصوفين جمي ًعا، «أولاد حارتنا» ،ولكن من
فقط عندما يجرب آلامه بمصير الإنسان على هذه منظور مناقض.
التي لا تطاق يصبح على الأرض لا في أي مكان آخر.
واهتمامه بهذا المصير هو زعبلاوي
اقتناع تام بأن عليه أن يجد الذي حداه إلى تفسير الأديان
زعبلاوي ،لكن طرابيشي تفسي ًرا اجتماعيًّا إن صح في تحليله لرواية «أولاد
يرى أننا يمكن أن نعرف حارتنا» التي تستعرض قصة
المزيد من التفاصيل عن التعبير».
هذا الداء من بطل رواية *** البشرية في معاناتها منذ
«الشحاذ». ُتروى قصة «زعبلاوي» كانت من العذاب والاضطهاد،
بضمير المتكلم ،وأول جملة وكان أنبياؤها رواد صمودها
على كل حال ،لا يملك راوي فيها« :اقتنعت أخي ًرا بأن عليَّ
قصة «زعبلاوي» القصيرة أن أجد الشيخ زعبلاوي». وأملها الذين دعا محفوظ
من أسباب الوصول له غير للمثابرة على صمودهم
خيط واه« :تذكرت أن أبي
وأملهم عبر ذكراهم من جهة،
ومن جهة أخرى عبر العلم،
وهو السلاح الذي صنعته
البشرية لنفسها ،يذكر
طرابيشي أن العلم في المفهوم
المحفوظي لا يعني العلوم
الطبيعية والرياضية الدقيقة
كما يتبادر عاد ًة للأذهان،
وهو أوسع أي ًضا من المفهوم
الذي تدرج فيه العلوم
الاجتماعية والإنسانية،
فمفهوم العلم عند محفوظ لا
يقتصر على العمليات الرامية
لتغيير الطبيعة فحسب ،بل
أي ًضا العمليات الرامية لتغيير
المجتمع ،والعلم بهذا المفهوم
يمثل في الأدب المحفوظي
استمرا ًرا للنبوة ،وباتحاد