Page 276 - m
P. 276

‫العـدد ‪60‬‬                              ‫‪274‬‬

                                 ‫ديسمبر ‪٢٠٢3‬‬                                ‫عمل له إلا الفتوة»‪.‬‬
                                                                             ‫ج‪ -‬تجدد الفكر‪:‬‬
‫والعلماني قد يحجبان النص‪،‬‬           ‫حادث أو موضوع منطو ًيا‬         ‫نعم‪ ،‬إن هذه الحرفية البالغة‬
     ‫ويمارسان الإقصاء‪ ،‬بل‬          ‫بالضرورة على كل شيء لا‬            ‫الدقة والتجريد في آن‪ ،‬هي‬
                                                                       ‫التي جعلت أولاد حارتنا‬
   ‫والإقصاء المركب‪ ،‬بمعنى‪:‬‬                           ‫نعرفه‪.‬‬         ‫(وكل أعمال نجيب محفوظ‬
   ‫الإقصاء داخل كل اتجاه‪،‬‬           ‫من هنا لو تكلمنا عن كلية‬       ‫تقريبًا) من قبيل تلك الأفكار‬
‫ومثاله‪ :‬أن يتهم كشك الغزالي‬      ‫خبرة ما لما أمكن لكلمة الكلية‬    ‫التراثية الجميلة مثل‪ :‬الإلياذة‪،‬‬
                                    ‫هذه أن تدل إلا على الجزء‬           ‫الفيدا‪ ،‬الأعمال الفلسفية‬
      ‫بأنه مخبول وعمر عبد‬          ‫المعلوم من هذه الخبرة‪ ،‬إننا‬      ‫الكبرى‪ ،‬التوراة والأناجيل‪،‬‬
       ‫الرحمان بأنه مريض‪.‬‬         ‫لا نستطيع أن نفهم العالم إلا‬       ‫والقرآن‪ ،‬والشعر الجاهلي‪،‬‬
   ‫والإقصاء بين الاتجاهين‪،‬‬         ‫بمقدار ما يتيحه لنا تكويننا‬    ‫وفتوحات الصوفية‪ ،‬وحكايات‬
     ‫ومثاله‪ :‬أن ينعت الغزالي‬        ‫النفسي؛ وبالتالي يجب أن‬       ‫ألف ليلة وليلة‪ ،‬وكليلة ودمنة‪،‬‬
    ‫المثقفين العلمانيين بأنهم‬        ‫نصرف النظر عن دعوى‬                 ‫والكوميديا الإلهية (‪.)..‬‬
 ‫«سماسرة الكفر»‪ ،‬وأن ينعت‬           ‫كل معتقد بأنه هو الحقيقة‬            ‫وهي الآثار التي عاشت‬
‫هؤلاء الغزالي بأنه من مشايخ‬      ‫الوحيدة الأبدية (كارل يونغ)‪.‬‬         ‫في وجدان أهلها من قديم‬
     ‫توظيف الإسلام وفقهاء‬            ‫والمعتقد هنا هو كل نظرة‬        ‫الزمان‪ ،‬وتعيش في وجداننا‬
                                    ‫أحادية الجانب إلى دين أو‬      ‫الحاضر‪ .‬وتلقي علينا الأسئلة‬
                    ‫الظلام‪.‬‬                                            ‫تلو الأسئلة ذاتها حول‪:‬‬
     ‫وإقصاء النص الأصلي‪،‬‬                       ‫فكرة أو نص‪.‬‬         ‫ماهية العقل والروح‪ ،‬والدنيا‬
‫ومثاله‪ :‬إقصاء النص الأصلي‬           ‫ج‪ -‬الحجب والاستبعاد‪:‬‬               ‫والدين‪ ،‬والمعنى والقوة‪،‬‬
     ‫لأولاد حارتنا لتعويضه‬          ‫ومعنى ذلك‪ ،‬أننا إزاء فهم‬          ‫والفرد والجماعة‪ ،‬والخير‬
 ‫بالنصوص المفسرة له‪ ،‬وكذا‬            ‫جديد للنص يستبعد‪ ،‬كما‬            ‫والشر‪ ،..‬إلى غير ذلك من‬
   ‫إقصاء النصوص المفسرة‬                                             ‫«الأسئلة الأبدية» التي يبدو‬
                                      ‫يقول علي حرب‪ ،‬رؤيتين‬         ‫أنها لا تغيب إلا لكي تحضر‬
             ‫لبعضها البض‪.‬‬                 ‫تقومان على الحجب‬         ‫من جديد في الأعمال العظيمة‬
      ‫هـ‪ -‬مأزق الاختلاف‪:‬‬                         ‫والاستبعاد‪:‬‬                ‫مثل أولاد حارتنا‪.‬‬
     ‫وهو الاختلاف‪ /‬المأزق‪،‬‬                                            ‫ولا غرابة في ذلك «فالمعلم‬
   ‫الذي يشكل أكبر دليل على‬           ‫المنهج اللاهوتي الماورائي‬      ‫الكبير هو الذي يتجسد عند‬
   ‫عدم وجود حقيقة لاهوتية‬             ‫«الذي يعتبر أن الخطاب‬            ‫قراءته السؤال وينبجس‬
     ‫أو واقعية‪ ،‬أحادية النص‬         ‫هو مجرد تعبير عن معنى‬             ‫من النظر في أقواله إمكان‬
  ‫والمعنى‪ .‬إذ‪ ،‬لو وجدت هذه‬         ‫قائم بداهة في أعلى‪ ،‬في تعا ٍل‬   ‫جديد في الفكر»‪ ،‬إمكان يفتح‬
‫الحقيقة المطلقة الثابتة لما كان‬    ‫إنساني أو إلهي‪ ،‬أي أن ثمة‬          ‫المجال أمام تعددية المعنى‬
   ‫هناك اختلاف‪ ،‬ولما تعددت‬       ‫حقيقة مطلقة أو قصدية ثابتة‬       ‫وصراع التأويلات كما اتضح‬
  ‫على سبيل المثال التفسيرات‬         ‫وأحادية في النص وهو ما‬         ‫حول أولاد حارتنا‪« .‬فالنص‬
    ‫حول القرآن أو الأحاديث‬           ‫يخفي كينونته كخطاب»‪.‬‬           ‫الرمزي مثل الروح البشري‬
 ‫النبوية‪ ،‬أو سائر الكتب التي‬        ‫المنهج الواقعي الموضوعي‬         ‫ينطوي على أسرار لا حصر‬
‫تولدت عن «أم الكتاب» حسب‬                                             ‫لها»‪ ،‬ولما كنا لا نعرف كل‬
‫تعبير محمد أركون‪ .‬وبالتالي‪،‬‬             ‫الذي يحكم على النص‬            ‫شيء‪ ،‬كان كل اختبار أو‬
 ‫لما كان هناك صراع‪ ..‬وحياة‬         ‫بإسناده إلى مرجع خارجي‬
       ‫«ولولا دفع الله الناس‬       ‫أو من خلال مطابقة الكلام‬
     ‫بعضهم ببعض لفسدت‬
     ‫الأرض» (البقرة‪،)251 :‬‬           ‫لموضوعه مثل القول «إن‬
‫ولكن‪« ..‬آفة حارتنا النسيان»‪.‬‬         ‫الجبلاوي هو الله‪ ،‬أو هو‬
      ‫لعل هذه الآفة هي التي‬          ‫حاكم مستبد»‪ ،‬بما يخفي‬

                                            ‫وقائعية الخطاب‪.‬‬
                                       ‫الاتجاهان م ًعا‪ ،‬الفقهي‬
   271   272   273   274   275   276   277   278   279   280   281