Page 284 - m
P. 284
العـدد 60 282
ديسمبر ٢٠٢3 «حكاية بلا بداية ولا نهاية»
-وهو طي صفحة التصور
طرابيشي: وعندما يلجأ الشيخ «محمود
«العلم في نظر نجيب محفوظ الأكرم» إلى الشيخ «تغلب الديني للعالم وتكريس
الصناديقي» شاعر ومفكر التصور العلمي للعالم بدي ًل
متحدر من صلب الدين، الطريقة يفجر الرجل في له ووريثًا -هي التي تلجئه
ولو كان الشيخ محمود نفذ وجهه قنبلة حقيقية ،فما إلى سلوك النهج عينه ولكن
وعيده بقتل علي عويس ،لكان تحدثت عنه النشرة لم تكن بالاتجاه المعاكس :فهنا تنقلب
أكاذيب لكنها معلومات
ارتكب أفظع جريمة يمكن لغة علم الطبيعة والفلك
لأب أن يرتكبها :قتل ابنه، حصل عليها الذين حرروها والجغرافيا والأنثروبولوجيا
ولكن لو كان علي عويس قتل من مخطوطات دار الكتب،
الشيخ محمود (وكان قد وهذه المخطوطات وضعها إلى لغة روحية مشبعة
هم بأن يفعل انتقا ًما لشرف «مريدون من أصدق المريدين بالمدلولات الدينية».
أمه -الحقيقة) لكان ارتكب القدامى» وهم ثلاثة« :الشيخ
أي ًضا أفظع جريمة يمكن أن أبو كبير» (كوبرنيكوس) مركزية «البيت الكبير»
يرتكبها ابن :قتل أبيه .وفي الذي عكف على دراسة بيوت الروحية في القصة ليست
كلتا المرتين كان تدخل زينب الأكرمية ،والشيخ الدرملي إلا مركزية الأرض المادية في
ضرور ًّيا لوقف مشروع (داروين) وكان حجة في الطبيعة ،هذه المركزية الدينية
القتل .فما ينبغي أن يجمع التي يتم تدميرها من خلال
بين الدين والعلم ليس العداء معرفة رجال الأكرمية، المواجهة بين رجل الدين
إلى حد القتل ،وإنما التضامن والشيخ أبو العلاء (فرويد) الشيخ «محمود الأكرم»
إلى حد الاعتراف المتبادل وكان اختصاصيًّا في سلوك ورجل العلم «علي عويس»
رجال الأسرة الأكرمية وقد الذي يصدر نشرة سرية
بالأبوة والبنوة». ولع بوجه خاص بـ»تأريخ من ثلاثة أبواب :الأول عن
والحقيقة كما يضيف الناقد البيت الكبير وقالت عنه إنه
هي أن محفوظ لا يترك للعلم أهواء القلوب». «ما هو إلا فرع من فروع
وما يؤدي إليه الصراع بين
(علي عويس) أي اختيار، لا حصر لها من بيوت
فما دام ابن زنا فإن أقصى رجل الدين الشيخ الأكرم الطريقة ،لا أنه الأصل الذي
وبين رجل العلم «علي
مطامحه هي أن يسترد انبثق منه النور» .والثاني
اسمه ،فإذا أبى أن يعترف عويس» هو انكشاف علاقة عن الأكرم صاحب الطريقة
الأب َّوة والبن َّوة بين الطرفين، (آدم) ،أنكروا فيه أنه جاء إلى
بأبوة الشيخ فإنه يتنكر مصر بين يدي سلسلة من
كذلك لأمومة زينب ،وفي هذه عن طريق المعلمة «زينب» الكرامات ،وقالت إنه جاءها
الحالة لا يبقى ابنًا للحقيقة، والتي يرمز بها محفوظ إلى «هار ًبا عقب ارتكاب جريمة
ولا يعود كذلك مرش ًحا الحقيقة ،والتي قام رجل شنعاء» .والباب الثالث
ليكون «خير حفيد للأكرم» الدين بهتك بكارتها ثم رفض عن «السلوك في الأسرة
أن يقع في «فخ الزواج» منها، الأكرمية» وتدور حول
ولم يكن «علي عويس» سوى
ثمرة علاقة الزنا القديمة بين انحرافهم الجنسي.
رجل الدين والحقيقة .ويعلِّق