Page 255 - m
P. 255

‫‪253‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫أبناء الجبلاوي‪ ،‬وهاد ًما لكل‬   ‫بداية كل دورة جديدة نرى‬        ‫والبيت الكبير ما زال قاب ًعا‬
‫الهالة الأسطورية التي أحاطت‬     ‫ملامحه متجسدة في الحارة‪،‬‬             ‫وراء أسواره غار ًقا في‬
                                 ‫حيث غالبًا ما يفتتح الراوي‬
    ‫به لعهود طويلة متعاقبة‪،‬‬     ‫بداية كل دورة زمنية برسم‬          ‫الصمت والذكريات‪ ،‬وإلى‬
 ‫وفيما عدا ذلك فلا نكاد نلمح‬     ‫صورة لتلك التغيرات‪ ،‬وهو‬           ‫اليمين بيت الناظر‪ ،‬وإلى‬
                                ‫ما نراه تقريبًا في كل فصول‬
     ‫أي تغير يطرأ على البيت‬     ‫الرواية‪ .‬ربما الحدث الوحيد‬          ‫اليسار بيت الفتوة‪ ،‬ثم‬
                    ‫الكبير‪.‬‬      ‫الاستثنائي الذي يكسر هذا‬       ‫يجيء حي جبل‪ ،‬ويليه حي‬
                                 ‫الصمت هو موت الجبلاوي‬
  ‫ويمكن ملاحظة أن للحارة‬        ‫نفسه‪ ،‬وقبله دخول عرفة إلى‬         ‫رفاعة في وسط الحارة»‪.‬‬
    ‫أزمنتها الخاصة في هذه‬                                           ‫(أولاد حارتنا‪ ،‬ص‪)309‬‬
                                  ‫البيت الكبير مح ِّط ًما حاجز‬     ‫ويمكننا أن نتبين أن الزمن‬
 ‫الرواية‪ ،‬فلا نكاد نلمح فيها‬    ‫الخوف الذي كان عائ ًقا أمام‬
    ‫إشارات كثيرة تحيل إلى‬                                         ‫في الحارة عبارة عن دورات‬
    ‫«زمن تاريخي» محدد أو‬                                               ‫متعاقبة تبدو متكررة‪،‬‬
              ‫«زمن المدينة»‬
                                                                  ‫ومتشابهة في أحيان كثيرة‪،‬‬
                                                                   ‫تحمل الملامح نفسها‪ .‬ومع‬

                                                                          ‫إشارات‪:‬‬

‫‪ -‬فرانكو موريتي‪ ،‬علامات أخذت على أنها أعاجيب‪ ،‬دراسة في سوسيولوجيا الأشكال الأدبية‪ ،‬ترجمة وتقديم‬
       ‫ثائر ديب‪ ،‬الطبعة الأولى‪ ،‬المشروع القومي للترجمة‪ ،‬المركز القومي للترجمة‪ ،‬القاهرة‪ ،2008 ،‬ص‪.29‬‬

   ‫‪ -2‬أمينة رشيد‪ ،‬تشظي الزمن في الرواية الحديثة‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ 1998 ،‬ص ‪.39‬‬
                       ‫‪ -3‬جمال الغيطاني‪ ،‬نجيب محفوظ يتذكر‪ ،‬دار أخبار اليوم‪ ،‬القاهرة‪ ،1987 ،‬ص‪.65‬‬

      ‫‪ -4‬جورج طرابيشي‪ ،‬الله في رحلة نجيب محفوظ الرمزية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الطليعة‪ ،‬بيروت‪،1972 ،‬‬
                                                                                             ‫ص‪.30‬‬

                                    ‫‪ -5‬جمال الغيطاني‪ ،‬نجيب محفوظ يتذكر‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.66‬‬
      ‫* يرى «غالي شكري» أن «الحارة» في رواية أولاد حارتنا يمكن أن تكون البشرية بأسرها‪ ،‬ويمكن أن‬
  ‫تكون مصر وحدها ويمكن أن تكون رم ًزا مزدو ًجا‪ ،‬فهي تجمع بين خصائص التطور الإنساني العام وبين‬
    ‫ملامح الأزمة الحضارية التي تعيشها مصر‪ .‬وقد تكون الحارة هي الإنسانية في مختلف مراحل تطورها‬
 ‫منذ التقسيم الكبير الأول في حياة البشر ‪-‬والذي أحالهم إلى سادة وعبيد‪ ،-‬إلى عصرنا العلمي الحديث الذي‬
‫يقدم الاشتراكية ح ًّل حاس ًما لمأساة الإنسان‪ .‬والمأساة الإنسانية ‪-‬على هذا الوجه‪ -‬ليست المشكلة الاجتماعية‬

                                                                      ‫فحسب‪ ،‬بل المشكلة الميتافيزيقية‪.‬‬
    ‫انظر أي ًضا‪ :‬غالي شكري‪ ،‬المنتمي‪ ،‬دراسة فى أدب نجيب محفوظ‪ ،‬ط ‪ ،4‬بيروت‪ ،‬القاهرة‪ ،1987 ،‬ص‪.240‬‬
   250   251   252   253   254   255   256   257   258   259   260