Page 253 - m
P. 253

‫‪251‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

     ‫فرانكو موريتي‬              ‫غالي شكري‬                             ‫يقوله «جبل» في مناجاته‬
                                                                  ‫للجبلاوي‪« :‬ويبدو أن الظلم‬
     ‫صوت الجبلاوي‪ ،‬فكان‬             ‫تحقق قول الجبلاوي»‪.‬‬
 ‫ذلك إلها ًما أو إشارة إلى أنه‬       ‫(أولاد حارتنا‪ ،‬ص‪)178‬‬              ‫ستشتد كثافة ظلماته‬
‫سيعمل على إنقاذ الحارة من‬         ‫ينجح جبل في إنقاذ الحارة‬          ‫كلما طال السكوت‪ ،‬فحتى‬
                                   ‫إنقا ًذا مؤقتًا‪ ،‬فعندما كانوا‬     ‫متى تسكت يا جبلاوي؟‬
     ‫عفاريتها ومن فتواتها‪.‬‬       ‫يضعفون يتسلط عليهم وغد‬            ‫الرجال سجناء في البيوت‬
     ‫وقد غيَّر الجبلاوي من‬          ‫أو مغامر‪ .‬وحدث الشيء‬
‫طريقته مع حفيده قاسم؛ إذ‬             ‫نفسه أي ًضا لرفاعة أحد‬           ‫والنساء يتعرضن لكل‬
 ‫إنه أرسل خادمه إليه فطلب‬          ‫أحفاد الجبلاوي‪ ،‬إذ قصد‬         ‫سخرية‪ ،‬وأنا أمضغ المهانة‬
 ‫منه أن ينقذ الحارة‪ ،‬فهاجر‬          ‫الخلاء ومشى في الظلام‬
  ‫إلى الصحراء وقاد المقاومة‬         ‫حتى تعب‪ ،‬واختار مكا ًنا‬          ‫في صمت‪ .‬ومن عجب أن‬
      ‫ضد الفتوات في الجبل‬           ‫أسفل سور البيت الكبير‬             ‫أهل حارتنا يضحكون!‬
    ‫وانتصر عليهم‪ .‬أما أهل‬         ‫المشرف على الخلاء فجلس‬               ‫علام يضحكون؟ إنهم‬
 ‫الحارة من أحفاد الجبلاوي‬           ‫مسن ًدا ظهره إلى السور‪،‬‬         ‫يهتفون للمنتصر أ ًّيا كان‬
‫فقد ضاق الحال بكثير منهم‪.‬‬       ‫فسمع صو ًتا غريبًا يتكلم‪ ،‬إنه‬       ‫المنتصر‪ ،‬ويهللون للقوي‬
     ‫فمنهم البائع الجوال أو‬      ‫صوت الجبلاوي‪ ،‬أحفاده لا‬           ‫أ ًّيا كان القوي‪ ،‬ويسجدون‬
  ‫صاحب الدكان أو القهوة‪.‬‬         ‫يعرفون شكله؛ فإن أح ًدا لم‬         ‫أمام النبابيت على هامته‪،‬‬
     ‫وكثير منهم يتسولون‪،‬‬        ‫يره من الأجيال الكثيرة التي‬          ‫يدارون بذلك كله الرعب‬
                                   ‫تنتمي إليه‪ ،‬ولكنهم جمي ًعا‬      ‫الكامن في أعماقهم‪ .‬غموس‬
       ‫وثمة تجارة مشتركة‬          ‫يحسون به ويفخرون بأنه‬            ‫اللقمة في حارتنا الهوان»‪.‬‬
   ‫يعمل فيها كل قادر‪ ،‬وهي‬          ‫جدهم‪ .‬داهم رفاعة شعور‬              ‫(أولاد حارتنا‪ ،‬ص‪)136‬‬
  ‫تجارة المخدرات وبخاصة‬            ‫مشرق أن هذا الصوت هو‬            ‫وتأتي لحظة فارقة في حياة‬
  ‫الحشيش والأفيون‪ ،‬وكان‬
‫أي شاب يجد في نفسه جرأة‬                                                 ‫جبل عندما يلتقي جده‬
                                                                       ‫الجبلاوي؛ فعندما هرب‬
                                                                   ‫جبل من الفتوات نحو سفح‬
                                                                  ‫الجبل حتى بلغ سوق المقطم‪،‬‬
                                                                   ‫شعر بعدها برغبة في المشي‬
                                                                    ‫وحده ‪-‬رغم البرد والظلام‬
                                                                     ‫الدامس‪ -‬خرج إلى الخلاء‬
                                                                        ‫فقادته قدمه إلى البقعة‬
                                                                  ‫المشرفة على الحارة‪ ،‬اصطدم‬
                                                                    ‫بشيخ تو َّهمه أحد الفتوات‪،‬‬
                                                                  ‫وعندما سأله‪ :‬من أنت؟ أجابه‬
                                                                   ‫أنه الجد الجبلاوي وأنه أول‬
                                                                       ‫من كلَّمه منذ أن اختفى‪،‬‬
                                                                        ‫وطلب منه أن يستخدم‬
                                                                    ‫القوة ليهزم البغي من أهل‬
                                                                      ‫الحارة الطيبين وسيكون‬
                                                                    ‫النجاح حليفهم‪« :‬بدا وكأن‬
                                                                    ‫هذا إلهام حدث له في هذه‬
                                                                    ‫البقعة من الأرض‪ ،‬وفع ًل‬
   248   249   250   251   252   253   254   255   256   257   258