Page 250 - m
P. 250

‫العـدد ‪60‬‬                                                 ‫‪248‬‬

                                ‫ديسمبر ‪٢٠٢3‬‬

‫بالماضي وعلاقة الشخصيات‬              ‫إن المكان هو القرين‬           ‫الحارة وزمكان الأسطورة‬
   ‫بهما‪ .‬ومن ثم يمكن إحالة‬                                             ‫في «أولاد حارتنا»‬
                                 ‫الضروري للزمان والفرد في‬
 ‫الزمكان داخل فضاء الرواية‬        ‫المنطق‪ ،‬فالفرد حالة محددة‬        ‫د‪.‬نجاة علي‬
  ‫المتخيل إلى ما وراء المتخيل‪،‬‬  ‫ُتعرف بالإشارة إلى نظيرين‪:‬‬
  ‫حيث التاريخ والمجتمع يتم‬
‫تمثلهما بطريقة مجازية تومئ‬           ‫المكان والزمان‪ ،‬وفي علم‬
 ‫إلى حضورهما الضمني بين‬              ‫النفس تكون فكرتنا عن‬
   ‫فقرات النص ومشاهده(‪.)ii‬‬          ‫الزمان مندمجة دو ًما مع‬
 ‫وهنا سأتوقف عند تمثيلات‬
                                              ‫فكرة المكان(‪.)i‬‬
      ‫الحارة في رواية «أولاد‬          ‫ولا شك في أن الروائي‬
   ‫حارتنا» باعتبارها «زمكان‬          ‫عندما يبدأ في بناء عالمه‬
                                 ‫الخاص الذي يضع في إطاره‬
                ‫الأسطورة»‪.‬‬        ‫الشخصيات ثم ُيسقط عليه‬
                                   ‫الزمن (حيث إن الزمان لا‬
   ‫الحارة‪ ..‬زمكان‬                   ‫يوجد مستق ًّل عن المكان)‬
      ‫الأسطورة‬                         ‫يصنع عالمًا ُمك َّو ًنا من‬
                                      ‫الكلمات‪ .‬وهذه الكلمات‬
      ‫كتب نجيب محفوظ عن‬          ‫تشكل عالمًا خا ًّصا خياليًّا قد‬
   ‫الحارة كثي ًرا‪ ،‬واستخدمها‬    ‫يشبه عالم الواقع وقد يختلف‬
                                 ‫عنه‪ ،‬وإذا شابهه فهذا الشبه‬
      ‫بشكل يجعلها مزدوجة‬            ‫يخضع لخصائص الكلمة‬
    ‫الدلالة؛ فقد تكون الحارة‬     ‫التصويرية‪ ،‬فالكلمة لا تنقل‬
   ‫لديه «حارة حقيقية»‪ ،‬وقد‬         ‫إلينا عالم الواقع بل تشير‬
‫تكون رم ًزا للعالم كله يختزل‬      ‫إليه وتخلق صورة مجازية‬
     ‫فيها محفوظ كل أسئلته‬
   ‫وهواجسه الوجودية‪ .‬لكن‬                        ‫لهذا العالم‪.‬‬
  ‫على أية حال‪ ،‬حارة محفوظ‬            ‫وقد يصعب في كثير من‬
    ‫ليست ككل الحارات‪ ،‬إنها‬
 ‫حارة بملامح متفردة تجري‬               ‫الأحيان فصل دراسة‬
 ‫فيها أسطورته الخاصة التي‬        ‫الزمان عن المكان في الأعمال‬
‫ظل يصوغها على مدى طويل‪.‬‬
    ‫صحيح أنه ظل يموقعها‪،‬‬               ‫الروائية‪ ،‬وهو ما نراه‬
   ‫ويدرجها في سياق المرجع‬         ‫بوضوح حين نتأمل علاقة‬
   ‫الواقعي لكنها هي الحارة‪،‬‬     ‫الزمان بالمكان أو «الزمكانية»‬
‫لأن معظم سكانها من الفقراء‬       ‫في الفضاء الروائي لروايات‬

      ‫والهامشيين‪ ،‬هي حارة‬                          ‫محفوظ‪.‬‬
‫تتحول دو ًما إلى مكان رمزي‪.‬‬      ‫ويمكن القول إن «الزمكانية»‬

     ‫ولعلي أتفق مع ما ذكره‬             ‫هي التفاعل الأساسي‬
     ‫الروائي جمال الغيطاني‬         ‫للعلاقات المكانية‪ /‬الزمنية‬
                                  ‫التي تتخلل نسيج كل عمل‬
       ‫من قبل من أن الحارة‬       ‫روائي‪ ،‬وهو فضاء زماني‪/‬‬
   ‫لدى محفوظ لها مستويان‬         ‫مكاني ينظم علاقة الحاضر‬
   245   246   247   248   249   250   251   252   253   254   255