Page 340 - m
P. 340

‫العـدد ‪60‬‬                           ‫‪338‬‬

                                                       ‫ديسمبر ‪٢٠٢3‬‬

‫قصة “الصمت”‬

 ‫لأحمد بوزفور‬
                                            ‫ميلود المطك‬

‫(المغرب) دراسة بنيوية‬

‫الوضعية يتم إسقاطها على القصة‬           ‫أصبحنا نجدها متضمنة في‬         ‫«نافذة على الداخل»(‪ ،)1‬مجموعة‬
 ‫منذ بدء عملية السرد‪ ،‬إلى نهايته‪،‬‬     ‫النصوص القصصية الحديثة‬
                                      ‫لأحمد بوزفور‪ ،‬إذا ما قار َّناها‬   ‫قصصية لأحمد بوزفور‪ ،‬تشتمل‬
   ‫مزاو ًجا بين الضمائر السردية‬      ‫بالنصوص الكلاسيكية للقاص‬            ‫على اثنتي عشرة قصة‪ ،‬يتراوح‬
‫الثلاث‪ :‬المتكلم والغائب والمخاطب‪،‬‬
                                                            ‫عينه‪.‬‬       ‫طولها بين أربع صفحات وعشر‪،‬‬
    ‫الشيء الذي يجعل المستويات‬      ‫وقصة «الصمت» ‪-‬إحدى قصص‬                  ‫والملاحظ أن بناءها يتمرد على‬
       ‫السردية تتوالى وتتداخل‪.‬‬                                             ‫الشكل القصصي الكلاسيكي‬
                                      ‫المجموعة‪ -‬نموذج حي للكتابة‬
  ‫المتن الحكائي لقصة‬                 ‫السردية التي تندرج ضمن هذا‬          ‫من خلال مجموعة من التقنيات‬
         ‫الصمت‬                                                            ‫منها‪ :‬التقطيع‪ ،‬التداخل‪ ،‬خلخلة‬
                                       ‫الطرح‪ ،‬لأنها قصة تجمع كل‬          ‫البناء الزمني‪ ،‬الحلم‪ ،‬العجائبي‪.‬‬
 ‫تشتمل القصة على سبعة مقاطع‬          ‫تقنيات التجريب التي تتميز بها‬      ‫أما اللغة المستعملة في السرد عند‬
  ‫يحمل كل منهما رق ًما‪ ،‬وتشتغل‬                                          ‫بوزفور‪ ،‬فإنها ترقى إلى مستوى‬
 ‫‪-‬هذه المقاطع‪ -‬كمتتاليات‪ ‬ضمن‬          ‫القصة الحديثة‪ ،‬والتي وظفها‬        ‫لغة الشعر‪ ،‬وكلماتها يغلب عليها‬
                                   ‫المؤلف في مجموعته الكاملة ومن‬         ‫الطابع الرمزي في أحيان كثيرة‪،‬‬
      ‫سيرورة سردية للأحداث‪،‬‬                                              ‫كما تحضر متمردة على وضعها‬
   ‫تتأرجح بين علاقتي الانفصال‬             ‫ضمنها‪ ،‬قصة «الصمت»‪.‬‬          ‫التركيبي والدلالي‪ .‬وهذا ما يجعلنا‬
    ‫والاتصال‪ ،‬يغلب عليهما طابع‬       ‫انطلا ًقا من العنوان‪« :‬الصمت»‪،‬‬        ‫أمام عالم سردي غير متوقع‪،‬‬
                                                                          ‫أحداثه تخرج عن المعتاد‪ ،‬وهي‬
     ‫التكثيف إلى درجة الغموض‬             ‫نجد أن القاص يقتحم عالم‬           ‫علامة على التجديد والتجريب‬
   ‫في قالب سردي متداخل‪ ،‬بينما‬          ‫التجريد الذي يعد أبرز معالم‬
   ‫شخصية السارد تحضر طرفا‬            ‫التجريب في القصة الحديثة‪ ،‬إذ‬                ‫الذي يتوخاهما الكاتب‪.‬‬
‫رئيسيًّا في هاتين العلاقتين‪ ،‬حيث‬      ‫يحيل إلى حالة نفسية يعيشها‬        ‫والقارئ أمام هذا المعطى مطالب‬
 ‫إن كل مقطع يركز بالأساس على‬       ‫السارد‪ ،‬وهي حالة غالبًا ما تكون‬        ‫بتفكيك اللغة وإعادة بناء رموز‬
  ‫شخصية السارد التي تدخل في‬            ‫مصحوبة بالعزلة والضياع‪،‬‬
                                     ‫نتيجة أزمات نفسية وتراكمات‬            ‫الكتابة وتقصيها‪ ،‬وتلك دعوة‬
                                     ‫لمشاكل في الزمن الماضي‪ ،‬فهذه‬
   335   336   337   338   339   340   341   342   343   344