Page 143 - merit 48
P. 143
كانت علاقتها الرائعة بصديقتها
قليًل من كثير لم تكتبه فاطمة توسلت إليها جدتي« :بلاش المرة
قنديل؛ إذ تتكشف دلالات تلك دي والنبي يا سعاد ،خليه علشان
خاطري» ،فرضخت أمي لأمنية ما
العبارة التي ألحقتها بعنوان قبل الموت ،وقالت« :خلاص يا ماما لو
كتابها "أقفاص فارغة ..ما لم طلعت بنت حاسميها فاطمة» ،أغمضت
جدتي عينيها ،وكأنها استراحت
تكتبه فاطمة قنديل"؛ فلم تكتب
من الألم ،وأجابتها ممتنة« :طيب
فاطمة قنديل عن الحب أو الشغف يا ختي» .ظهر ُت بعدها إلى الوجود
بثمانية أشهر ،بوصية جدتي الأخيرة،
أو الصداقة ،لم تكتب عن الإنجاز أو
واسمها في شهادة ميلادي ،ماتت بعد
التحقق ،لم تعرج في حديثها عن الأمنية بأيام ،وكما قيل لي ظلت أمي
تلك الأيام التي خبرت فيها الحب تجلس طوال شهور حملها ،مرتدية
السواد على كرسي دون حراك ،تبكي،
وإن فشلت التجربة يطعمونها بشق الأنفس ،وكنت أتلقى
تلك الدموع ،وذلك الفتات في بطنها»
ص.84
نشأت فاطمة تحمل اسم جدتها التي
سكول» ومتعلمين كويس ،انكسرت أسطورتي لم ترها ،ترافق أمها دائ ًما وتحمل لها حبًّا عظي ًما،
عن المدارس الخاصة وفاشليها ،أخبرني ،أي ًضا، وتكره أباها رغم مبادرته بإظهار حبه لها من حين
أن التفوق له شروط أخرى ،ليست المذاكرة لآخر بسبب خلافاته المستمرة مع راجي أخيها
وحدها «البيئة لازم تكون مستقرة ،إحنا حياتنا الأكبر ،وتلك التعاسة التي كانت تخيم على البيت
مش مستقرة يا حبيبتي ،شوفي زميلاتك الأوائل بسبب الشجارات المستمرة بينهما ،حتى أنها هددت
دول ،كلهم مستريحين ماد ًّيا ،ومستقرين ،وما بالانتحار لأول مرة متعللة بذلك الأمر ،وظلت
مروش بمشاكلنا ..دي شروط التفوق ،غصب تدعو الله أن يأخذهما ،كانت صغيرة إذ ذاك ،لا
عنك ،أنا كمان يادوب بانجح في الكلية ،ظروفنا تقدر خطورة ما تنطق به ،ولكن الموت «يقبع دائ ًما
زفت ،كتر خيرنا إننا مكملين أص ًل» .أعجبني مختب ًئا في مكان ما ،يخطف كلماتنا من أفواهنا،
التبرير ،وبدا مقن ًعا ج ًّدا لي ،فاستطعت في التيرم وتصير جوهرته الثمينة ،كنزه المخبأ ،وبحافتها
الثاني الوصول للمركز الثامن ،دون تعاسة، المسنونة ،ينفذ المهمة تما ًما ،كما سمعها ،ويجز
أرواح من تمنينا موتهم» ص .24فهجرهم راجي
وكما ينبغي لمن ارتضت ،باقتناع تام ،دور بلا عودة لأكثر من اثنين وثلاثين عا ًما حتى كانوا
«الضحية»!» ص.76
شبه موقنين بموته ،ومات أبوها فع ًل.
على أية حال لم تكن تسعد هي أو أخواها كانت فاطمة تلميذة متفوقة ،ولكنها حين انتقلت
بنجاحاتهم؛ إذ «كان النجاح مري ًرا كالفشل تما ًما من مدرستها ،وتراجعت إلى ذيل قائمة المتفوقين
حين يعلق عليه «أبوهم»» ص73؛ إذ كان دائ ًما في مدرستها الجديدة علَّمها رمزي أ َّل ُت َح ِّمل نفسها
ما يقلل من نجاحاتهم مقارنة بنجاح تلاميذه. مسؤولية ذلك ،وأن تحيا باقتدار دور الضحية
الذي يتقنه الغالبية« :تدخل رمزي في حوار منفرد تعلمت فاطمة منذ ذلك الحين أن تمارس باقتدار
دور الضحية ،أن تستسلم للفشل والإخفاق متعللة
بيننا ،استطاع إقناعي بأن فصل المتفوقات
مختلف عن مدرستي الإعدادية ،به بنات آتيات بالظروف ،قدست مرارة الألم واستشعرت به ما
يميزها عن الآخرين« :لم أستطع تكوين صداقات من «الليسيه» ،و»النوتردام» ،و»الإنجلش