Page 148 - merit 48
P. 148

‫العـدد ‪48‬‬                           ‫‪146‬‬

                                     ‫ديسمبر ‪٢٠٢2‬‬

                                            ‫محمد داود‬

‫الأخلاق في الرجعية‬
              ‫الدينية‬

 ‫من المسلم بها أنها الناطق الوحيد‬         ‫زوجته‪ ،‬هذا ضمن نزع البعد‬           ‫الرجعية الدينية أنها‬              ‫تظن‬
            ‫الحصري باسم الله‪.‬‬         ‫الإنساني من العلاقات‪ ،‬فلا علاقة‬     ‫أصل الفضائل‪ ،‬وتفرض‬

    ‫وفي اعتبار الدين‪ /‬الله المصدر‬        ‫مباشرة بين الذوات الإنسانية‪،‬‬           ‫ذاتها حار ًسا على‬
 ‫الحصري للأخلاق‪ ،‬إغفال لطبيعة‬              ‫ولا بين الإنسان والعالم‪ ،‬الله‬      ‫«الأخلاق الحميدة»؛‬
                                                                             ‫وتعتبر تعاليمها هي‬
   ‫الاجتماع البشري الذي اقتضى‬        ‫‪-‬يعني رجعيًّا ماضي صحراء نجد‬           ‫الخير وما عداها شر‪،‬‬
‫تفضيل ‪-‬أو انتخاب‪ -‬أخلاق معينة‬            ‫والحجاز‪ -‬هو الوسيط الوحيد‬          ‫وتفترض أن الالتزام بكتالوجها‬
                                         ‫والأبدي بين كل إنسان وآخر‪،‬‬       ‫هو حسن الخلق‪ ،‬وتصادر أحداث‬
     ‫وتطويرها‪ ،‬وما زالت تتطور‪،‬‬                                            ‫الحياة فتعتبرها ثوا ًبا أو عقا ًبا من‬
      ‫وتقوم على التعاقد َّية والنفع‬  ‫حتى عند الإحسان للوالدين‪ ،‬وحيث‬        ‫الله للفرد والجماعة حسب درجة‬
‫والإيثار المتبادلين‪ ،‬بحسب ما تثبته‬     ‫كل إنسان هو مجرد أداة تنفيذية‬          ‫تنفيذهم لتعليماتها «الخيرة»‪،‬‬
 ‫أبحاث علم الاجتماع وعلم النفس‬           ‫ونافذة قولية مسخرة لبقاء ما‬          ‫وتدفع «العبد المجند المأجور»‬
 ‫التطوري‪ .‬ويعبر الزعم بأن الدين‬                 ‫أمكن من ذلك الماضي‪.‬‬       ‫للاستكثار من «الأچر» عن طريق‬
  ‫هو ما يمنع الإنسان عن ارتكاب‬          ‫وتعتبر الرجعية أنه لولاها لكان‬        ‫تنفيذ كتالوجها المستحيل على‬
 ‫الشر عن مستوى العقل والضمير‬          ‫البشر وحو ًشا تنهش بعضها‪ .‬هذا‬           ‫حساب كل شيء‪ ،‬وباستعمال‬
   ‫وقت تكوين الرجعية الدينية في‬                                             ‫الآخرين أو على حسابهم‪ ،‬حيث‬
  ‫القرون ما قبل الوسطى‪ ،‬المهيمنة‬     ‫يشبه قول ديستويفسكي‪« :‬إن كان‬             ‫تجعل كل آخر بالنسبة لغيره‬
 ‫والمؤبدة في بلادنا‪ ،‬حيث التصور‬       ‫الله غير موجود فكل شيء مباح»‪.‬‬        ‫حتة شغل‪ ،‬سبوبة حسنات‪ ،‬ولو‬
    ‫الرجعي لله القائم على الخوف‬        ‫ولا نناقش هنا المعتقدات الدينية؛‬       ‫بكراهية المختلفين‪ ،‬ولو كانت‬
    ‫والمترجم إلى بنود في الكتالوج‬                                         ‫«النطفة» يضعها المؤمن في «جيب»‬
                                         ‫نشير فقط إلى أن وجود الله لا‬
                     ‫المستحيل‪.‬‬           ‫يعني أن تكون الرجعية الدينية‬
     ‫ولأن الأخلاق مسألة أعراف‬             ‫هي المعبرة عنه‪ ،‬بيد أنها عادة‬
                                      ‫تنقل النقاش لهذا المستوى‪ ،‬وكأنه‬
   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152   153