Page 152 - merit 48
P. 152

‫للخير أو الخلق الحسن ثواب‬                              ‫العـدد ‪48‬‬                         ‫‪150‬‬
‫وللشر أو الخلق السيئ عقوبة‪ ،‬فلا‬
‫ضمانة هنا أن من يفعل الخير ليس‬                                           ‫ديسمبر ‪٢٠٢2‬‬               ‫نيرة أشرف‬

    ‫مجرد مرتزق‪ ،‬طامع أو خائف‪،‬‬                   ‫مجدي يعقوب‬                              ‫بتجفيف منابع الرق‪ ،‬والقول إن‬
    ‫ولعله منافق‪ .‬ويكاد هذا يشابه‬                                                      ‫غزو مصر كان بطلب من أهلها‪ ،‬أو‬
  ‫شبهة غياب الصدق والشرف عن‬        ‫القبول داخل المنظومة الرجعية هو‬                     ‫لتحريرها من الاحتلال البيزنطي‪،‬‬
    ‫كل من يمتدح ما لا يمكنه ذمه‬     ‫طقس الصلاة‪ ،‬حيث يبدأ الحساب‬
                                                                                          ‫هذه التكوينات العكسية‪ ،‬دالة‬
            ‫لانعدام حرية التعبير‪.‬‬      ‫الأخروي بها‪ ،‬إن صلحت ُن ِظر‬                       ‫على تأصل خلق الكذب جماعيًّا‬
  ‫وفي كل حركة وموقف في الواقع‬       ‫في باقي الأعمال‪ ،‬وإن فسدت فلا‬                          ‫كتأصله فرد ًّيا‪ ،‬ضمن تأ َّصل‬
‫الرجعي‪ ،‬تنكشف الأخلاق الرجعية‪،‬‬     ‫ينظر لباقي الأعمال‪ .‬وقد يتوب الله‬                  ‫الفساد الأخلاقي في صلب التكوين‬
                                     ‫على فاعل كل إثم «وإن زنى وإن‬                      ‫الرجعي‪ ،‬ويبدو أن خلاصة شأن‬
      ‫ومن شاء فلينظر كيف أهدر‬        ‫سرق» ويدخله الجنة‪ .‬هذا يظهر‬                          ‫الدين والأخلاق عمو ًما هي في‬
  ‫الرجعيون دم نيرة أشرف‪ ،‬الفتاة‬       ‫حقيقة الدور الهامشي للأخلاق‬                      ‫مقولة شهيرة مفادها أن الإنسان‬
                                     ‫في الرجعية الدينية‪ ،‬فمهما حسن‬                       ‫الخيِّر سيفعل الخير‪ ،‬والشرير‬
     ‫التي ذبحها مجرم في الشارع‬       ‫خلق الشخص وزاد نفعه للناس‬                          ‫سيفعل الشر بصرف النظر عما‬
   ‫تحت نور الشمس وأمام الناس‬       ‫وع َّم‪ ،‬فهو غير مقبول‪ ،‬هو في النار‪،‬‬                  ‫إن كان ذا دين أم لا‪ ،‬لكن بالدين‬
                                                                                        ‫يمكن للإنسان الخيِّر أن يقترف‬
      ‫وكاميرات المراقبة‪ ،‬حدث هذا‬      ‫ما دام ليس عض ًوا في العصابة‬                    ‫البشاعات‪ ،‬وهو موقن بأنه يحسن‬
‫الإهدار الرجعي لدم الفتاة بأشكال‬    ‫العقائدية الرجعية‪ ،‬ومهما فسدت‬
 ‫مختلفة شملت استثمار الموقف في‬       ‫أخلاقه وكان منها فله توبة‪ .‬إذن‬                                           ‫صن ًعا‪.‬‬
                                                                                       ‫هذا‪ ،‬وتكاد فكرة الثواب والعقاب‬
   ‫الترويج للحجاب‪ ،‬والإرهاب من‬        ‫كن هتلر وستالين وموسوليني‬
 ‫عدم الالتزام به‪ ،‬وترويج مصطلح‬     ‫وكن عض ًوا في العصابة العقائدية‪،‬‬                       ‫أن تطيح بالفعل الأخلاقي من‬
‫«الدية» العرباني القديم‪ ،‬والتعاطف‬  ‫فلك أمل في التوبة والقبول‪ ،‬ومهما‬                    ‫جذوره‪ ،‬سيما وأن أساس القبول‬
                                                                                      ‫رجعيًّا هو الإيمان الديني‪ ،‬فلو كان‬
    ‫مع القاتل وأسرته‪ ،‬ومحاولات‬         ‫تكن مجدي يعقوب أو مخترع‬                         ‫هتلر مث ًل قد فعل كل خير ممكن‬
    ‫إيجاد مبررات لفعلته الشريرة‪،‬‬       ‫المصباح الكهربي أو لقاح شلل‬                     ‫في الدنيا وليس بمسلم‪ ،‬فلا قبول‬
                                   ‫الأطفال‪ ،‬فلا أمل لك ما دمت لست‬
     ‫وبذل المال في دفع أجر محام‬                                                           ‫له وهو في النار‪ ،‬بل إن أساس‬
    ‫كبير لإنقاذه من حكم الإعدام‪،‬‬                ‫عض ًوا في العصابة‪.‬‬
 ‫ومحاولات وصم الفتاة وأسرتها‪.‬‬        ‫وربط الأخلاق بالثواب والعقاب‬
                                      ‫يجعلها مسألة تجارية‪ .‬فما دام‬
      ‫يظهر هذا الموقف أن الانتماء‬
   ‫للعصابة العقائدية هو الأساس‪،‬‬

      ‫وهذا الانتماء يشمل الالتزام‬
  ‫بكتالوجها الذي يعد الحجاب من‬
   ‫أهم بنوده‪ ،‬حتى أنه أصبح أهم‬
   ‫أركان الإسلام‪ ،‬ولا قبول بدونه‬
‫لدرجة إهدار الدم كحد الردة سواء‬

                         ‫بسواء‪.‬‬
    ‫وهكذا كما تتجلى في التعاملات‬
  ‫اليومية‪ ،‬تتجلى كذلك في مناسبات‬
‫ووقائع متلاحقة‪ ،‬الحقيقة الأخلاقية‬
  ‫المنحطة للرجعية الدينية الحاكمة‬

        ‫للعقل في بلادنا من قرون‬
   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157