Page 156 - merit 48
P. 156

‫العـدد ‪48‬‬                          ‫‪154‬‬

                                   ‫ديسمبر ‪٢٠٢2‬‬

 ‫لقد زخرت قرون الإسلام الأولى‬      ‫وجدتها طيبة‪ ،‬فقال‪ :‬لم تأكلي‪ ،‬ولو‬       ‫تلميذ أبي حنيفة عن ‪ 69‬عا ًما‪،‬‬
   ‫بالتناحر على الحكم مما أودى‬     ‫أكلت لكنت قد استرحت منك‪ ،‬متى‬        ‫وابن اسحاق صاحب السيرة عن‬
       ‫بحياة كثير من القادة قت ًل‬
  ‫صري ًحا؛ إما من خلال اغتيالات‬       ‫أفلح خليفة له أم! َقا َل وحدثني‬                         ‫‪ 71‬عا ًما‪.‬‬
   ‫كحالات مقتل عثمان بن عفان‬        ‫بعض الهاشميين‪ ،‬أن سبب موت‬
     ‫وعلي بن أبى طالب ومروان‬                                             ‫أجواء وفاة الهادي‬
      ‫بن الحكم و الوليد بن يزيد‬        ‫الهادي كان أنه لما جد في خلع‬
    ‫والمتوكل وغيرهم‪ ،‬ومنهم من‬            ‫هارون والبيعة لابنه جعفر‪،‬‬          ‫وكمثال من الفترة العباسية‪،‬‬
   ‫قتل في معارك كالحسين وعبد‬                                            ‫تجمع مصادر التاريخ الإسلامي‬
                                       ‫وخافت الخيزران على هارون‬
‫الله بن الزبير ومروان بن محمد‪،‬‬        ‫منه‪ ،‬دست إليه من جواريها لما‬        ‫على الشقاق العميق الذي نشب‬
   ‫ومنهم من كانت ميتته (المبكرة‬      ‫مرض من قتله بالغم والجلوس‬              ‫بين الهادي وأمه الخيزران‪،‬‬
 ‫نسبيًّا) محط روايات تدور حول‬      ‫على وجهه‪ ،‬ووجهت إلى يحيى ْبن‬
 ‫السم مثل الحسن بن على ومالك‬         ‫خالد‪ :‬أن الرجل قد توفي‪ ،‬فاجدد‬     ‫لمحاولته إبعادها عن شئون الحكم‬
     ‫بن الاشتر والمهدي والهادي‬                                            ‫والإدارة‪ ،‬حتى بلغ به الغضب‬
   ‫والمنتصر وغيرهم‪ ،‬ومنهم من‬                    ‫في أمرك ولا تقصر‪.‬‬          ‫محاولة اغتيالها‪ ،‬ولم يقتصر‬
                                       ‫وكان السبب في إرادة موسى‬          ‫الأمر على ذلك بل سعى الهادي‬
 ‫كانت ميتته المبكرة بمرض يتعلق‬        ‫الهادي خلع أخيه هارون حتى‬             ‫لخلع أخيه الرشيد من ولاية‬
 ‫غالبًا بالجهاز الهضمي كالرشيد‬        ‫اشتد عليه في ذلك‪ ،‬وجد ‪-‬فيما‬        ‫العهد؛ وهو الأمر الذي رفضته‬
   ‫أو بحمى كالمأمون‪ .‬وفي ظل ما‬          ‫ذكر صالح ْبن سليمان‪ -‬أن‬
‫شاع من استعمال السموم في تلك‬           ‫الهادي لما أفضت إليه الخلافة‬      ‫الخيزران رف ًضا قاط ًعا يبدو أنه‬
  ‫الفترة نلاحظ عبارة (دس السم‬         ‫أقر يحيى ْبن خالد على ما كان‬     ‫حدا بها إلى تدبير ضربة استباقية‬

    ‫في العسل) التي صارت مث ًل‬            ‫يلي هارون من عمل المغرب‪،‬‬         ‫باغتيال ابنها الهادي‪ ،‬كما يفيد‬
  ‫شائ ًعا كصدى لطريقة منتشرة‬       ‫فأراد الهادي خلع هارون الرشيد‬               ‫نص الطبري في تاريخه‪.‬‬
   ‫في التخلص من الأعداء بطريقة‬
   ‫آمنة‪ ،‬وتتردد على مدار القرون‬       ‫والبيعة لابنه جعفر ْبن موسى‬       ‫«قال يحيى ْبن الحسن‪ :‬وحدثني‬
  ‫أصداء العبارة المنسوبة لمعاوية‬     ‫الهادي‪ ،‬وتابعه على ذلك القواد‪،‬‬      ‫أبي‪ ،‬قال‪ :‬سمعت خالصة تقول‬
 ‫حين جاءه خبر وفاة الحسن بن‬                                               ‫للعباس ابن الفضل ْبن الربيع‪:‬‬
                                       ‫منهم يزيد ْبن مزيد وعبد الله‬       ‫بعث موسى إلى أمه الخيزران‬
                                       ‫ْبن مالك وعلي ْبن عيسى ومن‬         ‫بأرزة‪ ،‬وقال‪ :‬استطبتها فأكلت‬
                                    ‫أشبههم‪ ،‬فخلعوا هارون‪ ،‬وبايعوا‬         ‫منها‪ ،‬فكلي منها قالت خالصة‪:‬‬
                                                                         ‫فقلت لها‪ :‬أمسكي حتى تنظري‪،‬‬
                                              ‫لجعفر ْبن موسى»(‪.)4‬‬
                                                                                           ‫فإني أخاف‬
                                                                                              ‫أن يكون‬
                                                                                            ‫فيها شيء‬
                                                                                             ‫تكرهينه‪،‬‬

                                                                                          ‫فجاءوا بكلب‬
                                                                                            ‫فأكل منها‪،‬‬
                                                                                              ‫فتساقط‬

                                                                                         ‫لحمه‪ ،‬فأرسل‬
                                                                                              ‫إليها بعد‬
                                                                                            ‫ذلك‪ :‬كيف‬

                                                                                         ‫رأيت الأرزة؟‬
                                                                                               ‫فقالت‪:‬‬
   151   152   153   154   155   156   157   158   159   160   161