Page 151 - merit 48
P. 151

‫‪149‬‬          ‫تجديد الخطاب‬

‫كيم جونج إل‬  ‫أدولف هتلر‬                             ‫جوزيف ستالين‬           ‫والرباية في الخوف والاستبداد‬
                                                                         ‫والشمولية‪ ،‬والأداء الآلي للطقوس‬
‫حاجة عند الكلب قل له يا سيدي»‪،‬‬       ‫تدفع للسباب وتنهى عنه‪ ،‬تحلف‬
‫و»من خاف سلم»‪ ..‬ومن تحديثات‬         ‫وتنهى عن الحلف‪ ،‬وتذم المنافقين‪،‬‬             ‫الدينية‪ ،‬والترديد الببغائي‬
                                                                        ‫لكليشيهاتها‪ ..‬إلى آخره‪ ،‬مما ينتهي‬
     ‫ما يوصف رجعيًّا حد الردة‪،‬‬          ‫بينما هي في الواقع التي تدفع‬     ‫إلى إشاعة أخلاق مثل الكذب الذي‬
  ‫ظهر قانون ازدراء الأديان جوار‬      ‫الفرد في هيمنتها إلى النفاق لأنها‬
 ‫قوانين ومبادئ دستورية تتشدق‬          ‫غاشمة لا تسمح بحرية التفكير‬         ‫وجد طريقه للتقنين الفقهي فيما‬
                                    ‫والتعبير والاختيار دون ضغط أو‬           ‫يقال له التعريض‪ ،‬حيث يمكن‬
     ‫بالحريات‪ ،‬خاصة مع إدماج‬          ‫إجبار‪ ،‬فتضطر الإنسان لإظهار‬
   ‫الفصامية الرجعية هي ذاتها في‬                                          ‫للشخص أن يقول كلا ًما وللسامع‬
                                         ‫غير ما يبطن تجنبًا لصنوف‬           ‫أن يفهم غيره‪ ،‬المهم الشكل في‬
         ‫أساسات العقل الرجعي‪.‬‬      ‫الاضطهاد المختلفة‪ ،‬وتنتهي الهيمنة‬         ‫ظاهر اللفظ‪ .‬بل وهناك تقنين‬
‫وبالتكوين العكسي يرتفع الصوت‬
‫الرجعي حنجور ًّيا بالشعارات التي‬      ‫الديكتاتورية والشمولية الدينية‬     ‫فقهي كذلك يحث على التباكي بد ًل‬
                                      ‫الرجعية إلى قهر النفس الفردية‪،‬‬       ‫عن البكاء كإظهار للخشوع‪ .‬ولا‬
   ‫هي ليست سوى أكاذيب عكس‬
‫الواقع‪ ،‬ولهذه الشعارات «البؤيات»‬        ‫يتوحد الفرد الخائف ومن ثم‬        ‫يكاد هذا يختلف عما يسمى ال ُتقية‬
‫وظائف مختلفة‪ ،‬منها تطمين الذات‬     ‫الجموع الخائفة مع الرجعية الدينية‬      ‫حسب الرؤية الرجعية للآية‪« :‬إلا‬
‫والدفاع النفسي‪ ،‬وخداع الآخر أو‬                                            ‫من آمن وقلبه مطمئن بالإيمان»‪.‬‬
‫استمالته أو تحييده‪ .‬لهذا؛ لا يبرئ‬       ‫مصدر الخوف نفسه‪ ،‬يتحول‬            ‫وكل ذلك مما يحول دون اعتبار‬
 ‫الرجعية الدينية من خلق سيئ أن‬       ‫المجتمع إلى مجموعة من فاسدي‬
                                   ‫الخلق‪ ،‬المنافقين الكذابين والخائفين‬      ‫أداء الطقوس الدينية كالصلاة‬
  ‫تذمه أو أن تحض على غيره‪ ،‬بل‬                                            ‫والحج وغيرهما‪ ،‬وأي مظهر تدين‬
 ‫على النقيض؛ إن قيل شيء «جيد»‬               ‫المصدرين للخوف أي ًضا‪.‬‬        ‫كعلامة الصلاة‪ ،‬دلالة على حسن‬
 ‫من فم رجعي فغالبًا الواقع الفعلي‬         ‫وهكذا أنتج الرجعي بطبعه‬
                                      ‫مأثوراته‪« :‬يا توافق يا تنافق يا‬       ‫الخلق‪ ،‬بل لعلها تدل في أحيان‬
    ‫عكسه‪ .‬والأمر يصل لأكاذيب‬            ‫تر َّوح»‪« ،‬الإيد اللي ما تعرفش‬     ‫كثيرة على فساد أخلاقي عميق‪،‬‬
 ‫جماعية وتاريخية كبيرة‪ ،‬كالزعم‬           ‫تقطعها بوسها»‪« ،‬إن كان لك‬      ‫مث ًل؛ ما دامت قيمتا الوقت والعمل‬
                                                                           ‫مهدرتين ومع السيولة العقلية؛‬
                                                                        ‫طبيعي أن يق َّل ‪-‬أو ينعدم‪ -‬الالتزام‬
                                                                        ‫بالمواعيد فرد ًّيا وجماعيًّا‪ ،‬فلا يكون‬
                                                                        ‫تصاعد مظاهر التدين إلا المبالغة في‬
                                                                         ‫التغطية على تزايد الممارسات غير‬
                                                                          ‫الأخلاقية‪ ،‬ضمن المتاجرة بالدين‬

                                                                                       ‫مع الذات والآخر‪.‬‬
                                                                            ‫وإن افترضنا جد ًل أن الرجعية‬
                                                                            ‫الدينية غير مسؤولة عن تدني‬
                                                                            ‫مستوى العقل والضمير‪ ،‬ومن‬

                                                                                ‫ثم الأخلاق في بلادنا‪ ،‬فقد‬
                                                                           ‫فشلت الرجعية ذاتها في التعامل‬

                                                                            ‫مع الفساد الأخلاقي المتصاعد‬
                                                                         ‫بالتوازي مع تزايد الهوس الديني‬

                                                                                      ‫في العقود الأخيرة‪.‬‬
                                                                           ‫وتذم الرجعية الدينية الكثير من‬
                                                                         ‫الأخلاق السيئة التي هي أساسها‪،‬‬
   146   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156