Page 150 - merit 48
P. 150
العـدد 48 148
ديسمبر ٢٠٢2
بمصر والعراق وفارس والهند حدث من أفراد مثل ستالين وهتلر أمهاتهم وأخواتهم! وفي هذين
والشام ،ربما بسبب عزلة هذه وزعيم كوريا الشمالية كيم جونج المثلين شخصنة ،وتعبير عن ذهن
الصحراء ،ومن ثم كانت المنظومة إل محسو ًبا لصالح الرجعية الدينية تشغله الهواجس الجنسية ،وإسقاط
نفسي حيث يتصور َح َم َلة العقل
القيمية أو الأخلاقية الرجعية باعتبار أنهم نماذج «علمانية»،
الدينية في مستوى أدنى ،لم يكن والحقيقة أبعد ما يكون عن ذلك، الرجعي أن المختلفين -خاصة
وأد البنات مث ًل من إشكالات مصر فلا يمثل هؤلاء إلا أنفسهم ،وليس غير المؤمنين -أشرار غارقون
لأمثالهم أرضية مرجعية ولا كتب في الشهوات يمكنهم اقتراف كل
القديمة ،وحين حرمه الإسلام تعليمات مقدسة موحدة كالزعماء الشرور ،على نحو ما يتميز به
فلا معنى لذلك في الواقع المصري َح َم َلة العقل الرجعي أنفسهم ،كما
والقادة الدمويين التاريخيين أسستهم الرجعية الدينية التي لا
القديم الذي وصلت فيه المرأة للرجعية ذاتها التي تقدمهم لأتباعها تعتمد في ربايتها للفرد على تكوين
لدرجة أن كانت ملكة ،وقد انحطت ضميره الفردي وتنميته فيما
كنماذج للبطولة ،مثل خالد بن يعرف بثقافة الذنب ،ولكن على
الرجعية الدينية بمكانة الأخلاق الوليد وموسى بن نصير وطارق الخوف والشمولية ،والولاء والبراء،
عمو ًما ،وتلك المتعلقة بالمرأة في بن زياد ،وجميعهم افتقدوا فقط والثواب والعقاب؛ العصا والجزرة،
مصر على نحو خاص ،وفي العصر الأسلحة التدميرية الحديثة التي فيما يعرف بثقافة العار ،حيث المهم
لو امتلكوها لتضاعفت ضحاياهم ألا يعرف الآخرون بما اقترفت،
الحديث دفعت حركة الحياة كثي ًرا ج ًّدا عما ذكرته كتب التاريخ وأمل الإنسان في قبول التوبة،
وضغوط اللحظة بتلك الأخلاق لما في السردية الدينية ذاتها ،والتي والغفران أكبر فيما لو لم يجاهر
هو أفضل قلي ًل عما مضى ،بحيث -مث ًل -برئ فيها الرسول نفسه بالمعصية« ،وإذا بليتم فاستتروا».
خرجت المرأة للتعليم والعمل؛ ولولا مما اقترف خالد ابن الوليد في حق وهكذا بفعل التكوين العقلي على
أسس دينية رجعية ،يتصور َح َم َلة
تأبيد الرجعية الدينية لأخلاق أسرى بني جذيمة. العقل الرجعي الآخرين مثلهم
ماضيها الصحراوي باسم الله، وفي هذا العصر مجتمعات كثيرة وحو ًشا لا يحول بينها واقتراف
لربما كنا في حال أفضل ،مث ًل كالدول الإسكندنافية تغلب عليها البشاعات إلا سلاسل القيد الديني،
لا تزال الرجعية الدينية متمسكة وهذا يتسق مع الفهم الرجعي
برؤاها الماضوية في المواريث وتعدد اللادينية ،وتسود فيها أخلاق للنفس البشرية باعتبارها شريرة
رفيعة ناتجة عن مستوى للعقل من حيث المبدأ ،والإنسان ظلوم
الزوجات. والضمير أعلى كثي ًرا مما في بلادنا؛
هذا المثل المتعلق بالمرأة يكاد ينطبق ليس لأنهم هناك متخلقون بأخلاق جهول بطبعه.
الإسلام وإن كانوا غير مسلمين، وبالإسقاط النفسي يرى َح َم َلة
على باقي أخلاق حملة الرجعي ونحن هنا مسلمون بلا إسلام ،كما العقل الرجعي أن الآخرين مثلهم
بطبعه ،وبصرف النظر عن نسبية زعم الشيخ محمد عبده إمام العقل -ولو كانوا لا دينيين -فهم أي ًضا
الأخلاق وما يوصف بالفضائل، الرجعي في العصر الحديث ،فهذا عصابة عقائدية مفتوحة في الزمان
الزعم من مزايدات -واشتغالات- والمكان ،لديها نصوص وأعلام
لا شك في أن أساس الانحطاط الرجعية الدينية التي تنتج الفشل
الأخلاقي ديني رجعي ،وفي أبسط مقدسون ،وكتالوج تعليمات
وتنسبه لغيرها ثم تتاجر به، مرجعية تحدد ما ينبغي وما لا
الأمثلة ما دام يمكن تبرير القتل وليست أخلاق الناس في أي مكان ينبغي ،بقدر من العصبية القبلية/
بالدين ،يعني بأمر مقدس من الله،
فما دون ذلك أيسر ،وبهذا جعلت إلا انعكا ًسا لما تأسست عليه العقائدية كالتي تقوم عليها
الرجعية الدينية كل شر ممكنًا ما عقولهم. الرجعية الدينية .وبهذا يكون كل ما
دام الله موجو ًدا؛ لأنها تفسد النفس
بالتأسيس على مفاهيمها وسماتها بل كان العقل والضمير في ماضي
كالمظهرية والاستعراض ،والتناقض صحراء شبه الجزيرة العربية في
والفصامية ،والتجارية والمأجورية مستوى أقل من الحضارات المحيطة
والانتهازية ،والاشتعال العاطفي،
وتغييب المنطق ،وعقل الخرافة،