Page 155 - merit 48
P. 155

‫‪153‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

‫السيف عن المشهد دائ ًما ما يترك‬         ‫الأبواب‪ ،‬فطلبوا قمق ًما يسخن‬       ‫المؤمنين‪ ،‬لقد رأيت منك شيئًا‬
‫مجال التأول فسي ًحا أمام مدوني‬           ‫فيه الماء لغسله‪ ،‬فما وجدوه‬     ‫غ َّمني‪َ ،‬قا َل‪ :‬وما هو؟ َقا َل‪ :‬رأيتك‬
                                                                         ‫قد خرجت على حال غ َّمني‪َ ،‬قا َل‪:‬‬
                       ‫الحدث‪.‬‬         ‫حتى استعاروا قمق ًما من بعض‬         ‫ويحك يا أبرش! وكيف لا أغت ُّم‬
                                    ‫الجيران‪ ،‬فقال بعض من حضر‬             ‫وقد زعم أهل العلم أني ميت إلى‬
‫الدولة العباسية الأولى‬              ‫ذلك‪ :‬إن في هذا لمعتب ًرا لمن اعتبر‬    ‫ثلاثة وثلاثين يو ًما! َقا َل سالم‪:‬‬

      ‫فإذا راجعنا أعمار الخلفاء‬           ‫وكانت وفاته بالذبحة»(‪.)2‬‬          ‫فرجعت إلى منزلي‪ ،‬فكتبت في‬
     ‫العباسيين فيما اصطلح على‬                                            ‫قرطاس‪ :‬زعم أمير المؤمنين يوم‬
  ‫تسميته العباسية الأولى وجدنا‬      ‫أجواء وفاة عمر بن عبد‬
 ‫أبا عبد الله السفاح مات عن ‪32‬‬              ‫العزيز‬                          ‫كذا وكذا أنه يسافر إلى ثلاثة‬
   ‫عا ًما‪ ،‬والمنصور عن ‪ 61‬عا ًما‪،‬‬                                       ‫وثلاثين يو ًما‪ ،‬فلما كان في الليلة‬
  ‫والمهدي عن ‪ 42‬عا ًما‪ ،‬والهادي‬      ‫«قيل سببها أن مولى له سمه في‬       ‫التي استكمل فيها ثلاثة وثلاثين‬
  ‫عن ‪ 24‬عا ًما‪ ،‬والرشيد عن ‪44‬‬        ‫طعام أو شراب‪ ،‬وأعطي على ذلك‬         ‫يو ًما إذا خادم يدق الباب يقول‪:‬‬
     ‫عا ًما‪ ،‬والأمين عن ‪ 28‬عا ًما‪،‬‬  ‫ألف دينار‪ .‬فحصل له بسبب ذلك‬          ‫أجب أمير المؤمنين‪ ،‬واحمل معك‬
‫والمأمون عن ‪ 47‬عا ًما‪ ،‬والمعتصم‬      ‫مرض‪ ،‬فأخبر أنه مسموم‪ ،‬فقال‬         ‫دواء الذبحة ‪-‬وقد كان أخذه مرة‬
  ‫عن ‪ ،48‬والواثق عن ‪ 32‬عا ًما‪.‬‬                                            ‫فتعالج فأفاق‪ -‬فخرجت ومعي‬
  ‫بينما نراجع أعمار معاصريهم‬          ‫لقد علمت يوم سقيت السم‪ .‬ثم‬        ‫الدواء فتغرغر به‪ ،‬فازداد الوجع‬
  ‫عشوائيًّا من الشعراء والفقهاء‬      ‫استدعى مولاه الذي سقاه‪.)3(»..‬‬      ‫شدة‪ ،‬ثم سكن فقال لي‪ :‬يا سالم‪،‬‬
‫فنحد بشا ًرا يموت عن ‪ 72‬عا ًما‪،‬‬
  ‫ومسلم بن الوليد عن ‪ 66‬عا ًما‪،‬‬         ‫وبينما يرد مقتل مروان مث ًل‬                     ‫قد سكن بعض‬
    ‫والبحتري عن ‪ 63‬عا ًما‪ ،‬وأبا‬           ‫كمكيدة من مكائد القصور‪،‬‬                         ‫ما كنت أجد‪،‬‬
‫نواس عن ‪ 53‬عا ًما‪ ،‬وأبا العتاهية‬         ‫ومقتل الوليد كانقلاب أموي‬                        ‫فانصرف إلى‬
    ‫عن ‪ 83‬عا ًما‪ ،‬أما الإمام مالك‬                                                         ‫أهلك‪ ،‬وخلف‬
‫فيموت عن ‪ 83‬عا ًما‪ ،‬والإمام أبو‬        ‫داخلي؛ نجد خبر مقتل عمر بن‬                          ‫الدواء عندي‬
‫حنيفة عن ‪ 70‬عا ًما‪ ،‬وأبو يوسف‬         ‫عبد العزيز وهشام بن عبد الملك‬
                                                                                        ‫فانصرفت‪ ،‬فما‬
                                         ‫يساقان في صيغة حائرة‪ ،‬لا‬                         ‫كان إلا ساعة‬
                                      ‫تستطيع القطع بسبب الوفاة في‬                         ‫حتى سمعت‬
                                       ‫ظل صراع واضح على السلطة‬                           ‫الصراخ عليه‪،‬‬

                                          ‫وعداوات عميقة‪ ،‬لكن غياب‬                          ‫فقالوا‪ :‬مات‬
                                                                                         ‫أمير المؤمنين!‬

                                                                                              ‫فلما مات‬
                                                                                           ‫أغلق الخزان‬
   150   151   152   153   154   155   156   157   158   159   160