Page 41 - merit 48
P. 41

‫‪39‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

‫المنفصل عن ماكيتات الشخصيات الأخرى والمرتبط‬          ‫وجود الموضوع المكاني الذي يمثله‪ ،‬كأن يتم عمل‬
                             ‫بها في الوقت نفسه‪.‬‬          ‫ماكيت مصغر لمدينة لم تنشأ بعد‪ ،‬وهنا يشير‬

‫‪ -‬أحيا ًنا يحدث تقاطع للحيوات‪ /‬الماكيتات المختلفة‬    ‫الماكيت من زمنه الحاضر إلى زمن المستقبل‪ ،‬حيث‬
‫عند لحظات سردية بعينها‪ ،‬تقاط ًعا ينتج عنه سقوط‬          ‫سيحاكي الواق ُع الف َن‪ ،‬وإما أن يوجد الموضوع‬

  ‫الحدود الزمنية بين الماضي والحاضر والمستقبل‪،‬‬       ‫الذي يمثله الماكيت قبل وجود الماكيت‪ ،‬وهنا يشير‬
   ‫ليهيمن زمن التخييل‪ ،‬وعند لحظات التقاطع تلك‬         ‫الماكيت من زمنه الحاضر إلى زمن الماضي‪ ،‬حيث‬
                                                    ‫يحاكي الف ُن‪ /‬الماكيت الواق َع‪ ،‬وعلى المستوى البنائي‬
 ‫يمكننا رؤية الحدث الواحد حاض ًرا أو مستقب ًل أو‬       ‫نجد الماكيت والموضوع الذي يمثله يتشابهان في‬
   ‫ماضيًا في الوقت نفسه‪ ،‬كما سنوضح بعد قليل‪.‬‬        ‫الأطر البنائية والتنظيمية العامة‪ ،‬ولكنهما في الوقت‬
      ‫‪ -‬في رحم الدال «ماكيت» تكمن أولى الركائز‬         ‫ذاته يختلفان في نسب وأبعاد تلك الأطر البنائية‬
   ‫البنائية للرواية‪ ،‬وهي «إعادة التمثيل»‪ ،‬وتتأسس‬
                                                                                        ‫والتنظيمية‪.‬‬
‫بنية «إعادة التمثيل» في جوهرها على علاقة التشابه‬    ‫وتلك العلاقات تجلو لنا بع ًضا من طبيعة «الماكيت»‬
    ‫والاختلاف في آن‪ ،‬فالموضوع الممثِّل يتشابه مع‬
      ‫الموضوع الممثَّل ويختلف معه في آن‪ ،‬لأن على‬       ‫بوصفه عنص ًرا ثقافيًّا‪ ،‬حيث نجدها طبيعة بينية‬
                                                           ‫تتأسس على شريط حدودي يقع بين عالمين‬
  ‫الرغم من تشابههما فكل منهما موضوع مستقل‪،‬‬
‫وتنشط «إعادة التمثيل» سرد ًّيا في الرواية على أكثر‬   ‫متباينين‪ ،‬الحاضر‪ /‬الماضي‪ ،‬الحاضر‪ /‬المستقبل‪،‬‬
                                                          ‫واقع يحاكي الفن‪ ،‬فن يحاكي الواقع‪ ،‬تشابه‬
  ‫من مستوى‪ ،‬فنجد إعادة تمثيل‪ :‬القاهرة والماكيت‬
 ‫وحيوات الشخصيات الرئيسة وأحداثها ووقائعها‬               ‫العناصر البنائية في الشكل والتنظيم‪ ،‬اختلاف‬
‫والفضاءات التي عاشت فيها‪ ،‬وذلك في بنية دائرية‪،‬‬          ‫العناصر البنائية في النسب والأبعاد‪ ،‬ومن تلك‬
‫ما تلبث أن تنتهي حتى تبدأ من جديد‪ ،‬ولكن بأبعاد‬       ‫الحزمة من العلاقات يمكن أن نستخلص أن هناك‬
                                                    ‫علاقة جوهرية واحدة تتأسس عليها العلاقات التي‬
              ‫ومقاييس مختلفة وفي ماكيت جديد‪.‬‬           ‫تربط الماكيت والموضوع الذي يمثله‪ ،‬هي علاقة‬
 ‫‪ -‬للجاليري طبيعة مركزية في الرواية‪ ،‬فهو يقع في‬     ‫التشابه‪ /‬الاختلاف في آن‪ ،‬وهذه العلاقة الجوهرية‬
                                                        ‫التي يكتنزها الدال الأول من العنوان «ماكيت»‬
   ‫مركز قاهرة الرواية‪ ،‬وبالتالي في مركز الماكيتات‬       ‫تتجلى عبر مستويات النص الروائي‪ ،‬والكشف‬
 ‫التي يرعى إنتاجها‪ ،‬وهو المؤسسة التي تقدم من ًحا‬      ‫عن تجلياتها النصية ينتج المفاتيح النصية التالية‬

     ‫دورية لمشاريع فنية غير تقليدية لإعادة تمثيل‬                               ‫لدخول عالم الرواية‪:‬‬
    ‫مدينة القاهرة في لحظات تاريخية معينة‪ ،‬وتلك‬      ‫‪ -‬تنضوي الرواية على عدة ماكيتات تربطها علاقة‬
    ‫الوضعيات تجعل الجاليري هو العامل السردي‬
     ‫الباعث والمحفز للشخصيات على ممارسة فعل‬                             ‫الاحتواء؛ فكل ماكيت يحتوي‬
‫«إعادة التمثيل»‪ ،‬الذي يحدث وف ًقا‬                                     ‫نسخ الماكيتات الأصغر‪ ،‬وبينما‬
   ‫لطبيعة كل شخصية؛ الماكيت‪/‬‬                                           ‫تتشابه الماكيتات وتترابط فهي‬
  ‫أوريجا‪ ،‬الفيلم التسجيلي‪ /‬نود‪،‬‬                                       ‫في الوقت ذاته تختلف وتستقل‬
  ‫الجرافيتي‪ /‬بلياردو‪ ،‬وذلك عبر‬                                       ‫عن بعضها البعض؛ فكل ماكيت‬
    ‫مشاركة الشخصيات في المنح‬
   ‫المقدمة من الجاليري‪ ،‬كما أننا‬                                        ‫له استقلاله الزماني والمكاني‬
    ‫نجد على مستوى بناء الحدث‬                                                       ‫وأبعاده الخاصة‪.‬‬
      ‫السردي أن الأحداث النوى‬
     ‫المفصلية في الرواية تقع على‬                                         ‫‪ -‬يترادف مدلول ماكيت في‬
 ‫محور حركة الشخصيات من أو‬                                                ‫الرواية مع الحياة أو العالم‪،‬‬
   ‫إلى الجاليري‪ ،‬وفي ذلك السياق‬                                        ‫فكل ماكيت يمثل عالم أو حياة‬
    ‫فإن الجاليري يمثل المؤسسة‬                                             ‫شخصية من الشخصيات‪،‬‬
                                                                     ‫ولكل شخصية ماكيت هو عالمها‬
   36   37   38   39   40   41   42   43   44   45   46