Page 43 - merit 48
P. 43
تحتوي رواية "ماكيت القاهرة"
على ثلاث سرديات لثلاث شخصيات
يحكمها الاتصال والانفصال في
آن ،الاتصال بحكم علاقات البنوة
والأمومة والزوجية التي تجمعها،
والانفصال بحكم العزلة النفسية
والمكانية والزمانية بينها ،ويمثل
الانفصال قدر سردي مفروض
على الشخصيات يؤدي خرقه طارق إمام
إلى وقوع المأساة. في سقوط عين «بلياردو» وعبورها
الماكيت لتستقر في قوس الميدان في
المديني الذي تتوقف فيه المدينة -أية مدينة -عن الماكيت المقابل مثال على لحظات التقاطع
أن تكون فضا ًء أموميًّا يوفر الأمن والملاذ للذات السردي بين الماكيتات التي أشرنا إليه
القاطنة به ،وتصبح ذلك الفضاء المتشظي اللايقيني آن ًفا ،ففي تلك اللحظات تتداعى أبعاد
الزمن من ماض وحاضر ومستقبل ويهيمن زمن
دائم التحول الذي تغيب عنه علاقات الدفء التخييل ،فحدث سقوط عين «بلياردو» واستقرارها
والانسجام والوضوح ،والذي يحاصر الذات بقوس الميدان بالنسبة إلى هذا المشهد هو حدث
ويهمشها ولا يلبي أبسط احتياجاتها ،فتستشعر حاضر يحدث في الزمن المضارع للمشهد ،ولكنه
داخله اليتم والمطاردة وتندفع هاربة دون هدف حدث ماض بالنسبة إلى بداية البرنامج السردي
لبلياردو ،سبق للقارئ التعرف عليه في بداية
محدد. البرنامج السردي لبلياردو ،والحدث ذاته هو حدث
مستقبلي بالنسبة لما سيقوم به «بلياردو» في الماكيت
التجسيد السردي للدلالة
القادم:
فيما يلي من قراءتنا لرواية «ماكيت القاهرة» سنقف «مع الرصاصة قفزت حدقة بلياردو ،عبرت
عند بعض أبرز ملامح تشكيلها السردي ،وأولها ما النافذة ،بادئة سقوطها .ولحظة استقرت في قوس
نطلق عليه التجسيد السردي للدلالة ،حيث تتجسد الميدان بالماكيت الجديد المكتمل أسفل النافذة ظهر
أشخاص ،بدؤوا يتخذون مواقعهم على عجل ،كأن
الدلالات المعنوية في بني السرد ومعمار النص. ك ًّل منهم يعرف مكانه مسب ًقا .ثم ظهر شخص
فعلى مستوى الشخصيات الرئيسة الثلاث كل على بلياردو جديد ،انحنى فجأة ليلتقط العين التي باتت
حدة تبرز دلالات« :اليتم» و»الهرب» و»المطاردة»، عملاقة الآن .الآن ،من جديد تبدأ الحكاية»(.)1
ومن هنا نجد أن تأويل قاهرة الماكيت يتجاوز
وتلك الدلالات تتجسد على الترتيب في البرنامج الوقوف عند حدود القاهرة التاريخية إلى فضاء
السردي لكل شخصية أوريجا /اليتم ،نود/ تأويلي أوسع ،تمثل فيه قاهرة الماكيت ذلك الفضاء
الهرب ،بلياردو /المطاردة ،فكل دلالة منها تمثل