Page 44 - merit 48
P. 44

‫العـدد ‪48‬‬   ‫‪42‬‬

                                                   ‫ديسمبر ‪٢٠٢2‬‬

                             ‫الطباعي على الورق‪.‬‬       ‫لافتة وعنوا ًنا على حياة أو ماكيت كل شخصية‪.‬‬
 ‫مع ملاحظة أن الشخصيات لم تجتمع أسماؤها في‬                ‫وعلى مستوى علاقات الشخصيات ببعضها‬

   ‫عناوين الفصول غير في فصل واحد هو الفصل‬               ‫البعض نجد‪« :‬العزلة» التي تبتلع الشخصيات‬
      ‫الأخير من «نهاية القاهرة»‪ ،‬والذي تنتهي به‬     ‫كالحلقة المفرغة وتحول دون وصولها إلى خلاص‪،‬‬

    ‫قصتهم وكأنها ما اجتمعت إلا لتفترق ولكن إلى‬           ‫و»الاستقلال» و»الانفصال» الزماني والمكاني‬
                                 ‫الأبد هذه المرة‪.‬‬        ‫والنفسي بين الشخصيات‪ ،‬على الرغم من أن‬
                                                      ‫الروابط التي تجمعها هي روابط البنوة والأمومة‬
  ‫سردية الاتصال‪ /‬الانفصال في آن‬                    ‫والزواج‪ ،‬وهي روابط من المفترض أن تكون روابط‬

‫تحتوي رواية «ماكيت القاهرة» على ثلاث سرديات‬                                                 ‫وثيقة‪.‬‬
    ‫لثلاث شخصيات يحكمها الاتصال والانفصال‬             ‫«العزلة» و»الاستقلال» و»الانفصال» تتجسد في‬
    ‫في آن‪ ،‬الاتصال بحكم علاقات البنوة والأمومة‬        ‫معمار الرواية؛ فالرواية تتكون من أربع وحدات‬
                                                    ‫سردية كبرى‪ ،‬الوحدات الثلاث الأولى تقدم الحدث‬
  ‫والزوجية التي تجمعها‪ ،‬والانفصال بحكم العزلة‬        ‫السردي الرئيس‪ ،‬وهي بالترتيب‪« :‬طبق الأصل»‪،‬‬
‫النفسية والمكانية والزمانية بينها‪ ،‬ويمثل الانفصال‬  ‫و»ورشة عمل»‪ ،‬و»نهاية القاهرة» التي تنتهي بكلمة‬
‫قدر سردي مفروض على الشخصيات يؤدي خرقه‬                  ‫«تمت»‪ ،‬ويعقبها وحدة رابعة عنوانها «تعقيب»‪،‬‬
                                                     ‫وتظهر فيها شخصية جديدة هي «مانجا» رسامة‬
   ‫إلى وقوع المأساة‪ ،‬تلك المأساة التي حدثت عندما‬
     ‫اجتمع ثلاثتهم في مشهد واحد وعالم‪ /‬ماكيت‬                                            ‫الكوميكس‪.‬‬
    ‫واحد‪ ،‬في صالة الشقة مساء عيد ميلاد أوريجا‬           ‫وكل وحدة سردية من الوحدات الثلاث الأولى‬
                                                      ‫في الرواية تتكون من سلسلة مرتبة من الفصول‬
  ‫الخامس‪ ،‬فتحققت المأساة‪َ ،‬قتل «بلياردو»‪ ،‬وهرب‬     ‫المعنونة باسم إحدى الشخصيات‪ ،‬تبدأ بـ»أوريجا»‪،‬‬
                          ‫«نود»‪ ،‬و ُيتم «أوريجا»‪.‬‬      ‫ثم «نود»‪ ،‬ثم «بلياردو»‪ ،‬وما إن ينتهي الترتيب‬
                                                    ‫حتى تعاد عنونة الفصول داخل كل وحدة سردية‬
   ‫وعو ًضا عن تواصل الشخصيات داخل ماكيت‪/‬‬              ‫من البداية وبالترتيب ذاته‪ ،‬وهذه البنية الدائرية‬
      ‫عالم واحد‪ ،‬يوجد بالرواية نوع من التواصل‬            ‫تجسد على مستوى المعمار الروائي والفضاء‬

   ‫الصامت يتم عبر الماكيتات‪ ،‬عندما تطل شخصية‬              ‫النصي الطباعي للرواية دلالة «العزلة» التي‬
‫من عالمها‪ /‬ماكيتها الخاص‪ ،‬على شخصية في عالم‪/‬‬         ‫تدور في إسارها الشخصيات دونما خلاص‪ ،‬فكل‬
                                                      ‫شخصية معزولة داخل فصل‪ ،‬يتقدم السرد من‬
    ‫ماكيت آخر‪ ،‬فتكون شاهدة على أزمتها‪ ،‬كما في‬
    ‫المقطع التالي حيث تطل «نود» من عالم‪ /‬ماكيت‬          ‫فصل إلى التالي له ولكن الشخصيات لا تلتقي‪.‬‬
   ‫‪ 2020‬على عالم‪ /‬ماكيت ‪ ،2011‬فتشهد مطاردة‬            ‫كما يجسد ذلك المعمار الروائي دلالة «انفصال»‬
                                                       ‫الشخصيات عن بعضها مكانيًّا وزمنيًّا ونفسيًّا؛‬
                                     ‫«بلياردو»‪:‬‬      ‫فأوريجا يبدأ وجوده السردي عام ‪ ،2045‬ونود‬
  ‫انتبهت لنباح كلاب مصغرة‪ ،‬تتبع مطاردة‪ ،‬تتن َّقل‬     ‫يبدأ وجودها السردي عام ‪ ،2020‬وبلياردو يبدأ‬
‫من نقطة لأخرى في الشوارع الخالية المؤدية لمجسم‬         ‫وجوده السردي عام ‪ ،2011‬فكل فصل من تلك‬
 ‫الجاليري‪ .‬كان شخص ما يركض هار ًبا من قطيع‬            ‫الفصول المتجاورة يمثل شظية منتزعة من حياة‬
 ‫أشخاص‪ ،‬بدا لها أنهم يهربون بدورهم من ركض‬
                                                         ‫شخصية تتجاور مع شظية منتزعة من حياة‬
               ‫قطيع الكلاب التي أصابها الجنون‪.‬‬           ‫الشخصية التالية‪ ،‬مما يعمق معنى الانفصال‬
‫قبل حتى أن تميز ملامح الهارب‪ ،‬عرفت هويته من‬         ‫النفسي والمكاني والزماني بين الشخصيات‪ ،‬وكأن‬
                                                        ‫الشخصيات محكوم عليها بالعزلة والانفصال‬
   ‫طريقة الركض‪ .‬رأت بلياردو ينحرف إلى ماكيت‬        ‫سواء داخل فضاء العالم التخييلي أو الفضاء النصي‬
  ‫الشارع الذي يقع فيه مجسم الجاليري‪ ،‬وهم من‬

      ‫خلفه‪ ،‬مغمورين بشظايا الزجاج التي تواصل‬
‫السقوط‪ ،‬مخفورة بقطرات الدم العملاقة اللزجة(‪.)2‬‬
   39   40   41   42   43   44   45   46   47   48   49