Page 45 - merit 48
P. 45

‫‪43‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

‫رسامة كوميكس‪ ،‬وكان العامل السردي المشترك في‬                ‫من الميتالغة إلى الميتافكشن‬
  ‫تلك الحوارات هو شخصية «المسز»‪ ،‬وهي المديرة‬
  ‫الفنية للجاليري‪ ،‬وممثلة السلطة الفنية أو الثقافية‬   ‫يشير مصطلح الميتالغة ‪ metalanguage‬إلى إحالة‬
                                 ‫داخل المؤسسة‪.‬‬       ‫الخطاب اللغوي على خطاب لغوي‪ ،‬وبتوسيع مجال‬
 ‫وأي ًضا نجد في الرواية ذلك الملمح الذي نطلق عليه‬
                                                         ‫عمل المصطلح وسحبه من دائرة المجال اللغوي‬
‫تعرية الأداة؛ فعو ًضا عن أن يكون الفن إخفا ًء للفن‪،‬‬    ‫إلى دائرة المتخيل الأدبي‪ ،‬تنتج صيغة الميتافكشن‬
     ‫يصبح الفن كش ًفا لشروط الفن‪ ،‬والأمثلة عليه‬        ‫‪ metafiction‬وهي إحدى صيغ المتخيل الروائي‪،‬‬

‫كثيرة في الرواية‪ ،‬منها الإشارات السردية إلى تمييز‬         ‫والتي يمكن تعريفها بتبسيط شديد –قد يكون‬
   ‫الماكيتات المختلفة‪ ،‬بتغيير حجم الخط الذي يكتب‬        ‫مخ ًّل‪ -‬بأنها صيغة يحيل فيها الخطاب التخييلي‬
   ‫به اسم الشخصية التي تقطن في الماكيت‪ ،‬كما في‬
                                   ‫المقطع التالي‪:‬‬                                 ‫على خطاب تخييلي‪.‬‬
   ‫فكر أوريجا‪ ،‬لو أنه منسي عجرم‪ ،‬فسيترجم هذا‬             ‫وتتضح ملامح الميتافكشن في «ماكيت القاهرة»‬
   ‫الاختلاف شكلانيًّا على مستوى الفونط الطباعي‪،‬‬       ‫من العتبات الأولى المؤدية إلى النص‪ ،‬فمتن الرواية‬
   ‫بحيث يصبح ما ُيعرض عبر وعيه مكتو ًبا بفونط‬          ‫مسبوق باقتباسين‪ ،‬الأول منسوب إلى «خورخي‬
                                                     ‫خالد» يقول‪ :‬أي مدينة لم تتعرض للمحو هي مدينة‬
 ‫أكبر‪ ،‬أو بولد‪ ،‬أو كليهما‪ ،‬بينما يصف ما يحدث في‬
   ‫المستوى المصغر بفونط أصغر‪ ،‬رفيع أو كليهما‪.‬‬                                              ‫لم توجد‪.‬‬
      ‫لو أنه منسي عجرم‪ ،‬لأشار للطفل الذي يراه‬            ‫والثاني مستل من كتاب «منسي عجرم» يقول‪:‬‬
        ‫أوريجا بـ»أوريجا» ولأمه بـ»نود»‪ ،‬ولأبيه‬       ‫الأمكنة تخلق قاطنيها‪ .‬إن نشأت نسخة جديدة من‬

‫بـ»بلياردو»‪ .‬لتكن أسماؤهم أصغر في حجم الفونط‬                     ‫بيت‪ ،‬ستنشأ نسخة جديدة من ساكن‪.‬‬
   ‫ومقاسه‪ ،‬بحيث يفرق القارئ تلقائيًّا بين مقاييس‬            ‫وكلاهما من الذوات التخييلية التي تتواصل‬
  ‫حجمين من الشخصيات بتغ ُّير مقاييس الفونط(‪.)3‬‬          ‫الإحالات عليها على مدار الرواية‪ ،‬ووجود هذين‬
    ‫وتلك هي الآلية التي وظفها السارد بالفعل على‬            ‫الاقتباسين في صدارة الرواية له دلالة مهمة‪،‬‬
  ‫مدار الرواية للتمييز بين الشخصيات في الماكيتات‬         ‫فالخطاب الروائي يشير منذ البداية إلى اعتماده‬
                                                      ‫الإحالة إلى خطابات تخييلية موجودة داخله‪ ،‬وعلى‬
‫المختلفة‪ ،‬حيث عبر تغيير الحجم الطباعي المكتوب به‬     ‫المنوال نفسه نجد علامات تخييلية على مدار الرواية‬
     ‫اسم الشخصية عن الانتقال من ماكيت إلى آخر‬           ‫تحيل إلى علامات تخييلية داخل النص ذاته‪ ،‬مما‬
                                                      ‫يفضي إلى أن يصبح التخييل داخل الرواية مرج ًعا‬
                   ‫الهوامش‪:‬‬                           ‫للتخييل الروائي‪ ،‬ونصبح أمام خطاب روائي دائم‬

‫∗ طارق إمام‪ ،‬ماكيت القاهرة (رواية)‪ ،‬منشورات‬                                        ‫الإشارة إلى نفسه‪.‬‬
                         ‫المتوسط‪ ،‬ط‪.1202 ،1‬‬               ‫ومن الملامح البارزة في الرواية احتواء المقاطع‬
                                                     ‫الحوارية بين الشخصيات على مساحات واسعة من‬
                       ‫‪ -1‬الرواية‪ ،‬ص(‪.)673‬‬             ‫الإحالة على الخطابات الفنية التي جاءت سياقاتها‬
                       ‫‪ -2‬الرواية‪ ،‬ص(‪.)333‬‬           ‫متنوعة بحسب طبيعة شخصيات الحوار؛ «أوريجا»‬
                       ‫‪ -3‬الرواية‪ ،‬ص(‪.)863‬‬           ‫صانع مصغرات ‪ ،Miniatures Art‬و»نود» صانعة‬
                                                           ‫أفلام‪ ،‬و»بلياردو» رسام جرافيتي‪ ،‬و»مانجا»‬
   40   41   42   43   44   45   46   47   48   49   50