Page 47 - merit 48
P. 47

‫‪45‬‬           ‫إبداع ومبدعون‬

             ‫رؤى نقدية‬

                                                                 ‫الأدبية هي خلخلة لمعيار‬

                                                                 ‫التجنيس‪ ،‬وترتيب الأنواع‪،‬‬

                                                                 ‫وتصنيف الأنماط» (عن‬

                                                                 ‫جميل حمداوى‪ ،‬إشكالية‬

                                                                      ‫الجنس الأدبى)‪.‬‬

                                                                      ‫وفي نظرية عبد الملك‬

                                                                 ‫مرتاض للرواية وتقنياتها‬

                                                                 ‫السردية‪« ،‬الرواية تتخذ‬

                                                                 ‫لنفسها ألف وجه‪ ،‬وترتدي‬

                                                                 ‫في هيئتها الفريدة‪ ،‬وتتشكل‬

                                                                      ‫أمام القارئ تحت ألف‬

                                                                 ‫شكل‪ ،‬مما يعسر تعريفها‬

                                                                      ‫تعري ًفا جام ًعا مان ًعا‪،‬‬
                                                                 ‫وكذلك تشترك الرواية‬

                                                                      ‫مع الأجناس الأخرى‪،‬‬

‫رينية ويليك‬  ‫د‪ .‬ه‪ .‬لورانس‬                           ‫إدور الخراط‬    ‫بمقدار ما تتميز عنها‬
                                                                 ‫بخصائصها» (عبد الملك‬

     ‫فالروايتان تنتهكان ستر النوع الأدبى بشدة‪،‬‬      ‫مرتاض‪ ،‬نظرية الرواية وتقنيات السرد‪ ،‬ص‪.)11‬‬
   ‫وتدفعانك إلى السؤال عن النوع الذي تنتمى إليه‬
   ‫«كيميا»‪ :‬هل هذه رواية؟ أم بحث استقصائىي‪،‬‬         ‫لعلي أميل إلى قول الروائى والناقد إدور الخراط‬
 ‫أم أدب رحلات‪ ،‬أم يوميات‪ ،‬أم مذكرات‪ ،‬أم سيرة‬        ‫الذي يرى في الرواية شك ًل يمكن أن يحتوي على‬
  ‫ذاتية؟ أم أنها بحث دءوب في كتب التراث‪ ،‬وكتب‬
                                                    ‫الشعر والموسيقا‪ ،‬واللوحات التشكيلية‪ ،‬فالرواية في‬
                      ‫التاريخ‪ ،‬والتراث الصوفي؟‬
  ‫في رواية «الغميضة» يقتحمك الكاتب من البداية‪،‬‬      ‫ظني هي عمل حر» (إدوار الخراط‪ ،‬الرواية العربية‪،‬‬
 ‫ليزعزع إيمانك بأن ما يكتبه ليس رواية‪ ،‬إنما هي‬
  ‫مسرحية‪ .‬أو رواية تتماس مع المسرح‪ ،‬والفرجة‬                      ‫واقع وآفاق‪ ،‬دار ابن رشد‪ ،‬ط ‪.)»1981‬‬
   ‫الشعبية‪ ،‬وفن الحكواتي‪ ،‬والاحتفالات الشعبية‪،‬‬
‫وتعليق على الأحداث المعاصرة‪ ،‬أمام أحداث روائية‪،‬‬     ‫ويشير سعيد يقطين إلى فكرة التعالق النصي بين‬

    ‫تتعالق بين الآني والماضى‪ ،‬يحرص السارد أن‬        ‫الرواية العربية الحديثة‪ ،‬والتراث السردي العربي‬
  ‫تكون كل الخيوط لديه‪ ،‬ما إن تجد خي ًطا تمسكه‪،‬‬
 ‫وتحاول السير معه حتى يفلت‪ ،‬ليمدك بخيط آخر‪،‬‬         ‫القديم‪ ،‬بما فيه من رحلات‪ ،‬ومقامات‪ ،‬وحكايات‬
   ‫وهكذا تستمر اللعبة‪ ،‬وصو ًل للنهاية‪ ،‬فأنت أمام‬
   ‫حكاية‪ ،‬وحدث سردي بسيط من الممكن القبض‬            ‫عجائبية‪ ،‬وسير شعبية‪ ،‬إلى جانب كتب التاريخ‪،‬‬

     ‫عليه‪ ،‬لكن الأمور تتعقد فجأة‪ ،‬وتشتبك‪ ،‬فأنت‬      ‫والأحاجي‪ ،‬والأخبار‪ ،‬والأمثال‪ ،‬والسيولة الزمنية‪،‬‬
 ‫مطالب بأن تنتبه إلى هذه اللعبة‪ ،‬وأن تعيد القراءة‪،‬‬  ‫متمث ًل في التأرجح بين الماضي البعيد والآني»‪.‬‬

   ‫فتقع في أحبولة القفز من نوع أدبي لآخر‪ ،‬ومن‬                    ‫***‬
 ‫حكاية لأخرى‪ ،‬وعليك أنت وحدك إيجاد المشترك‪،‬‬
   ‫أو ترتيب الأحداث‪ ،‬إن أردت‪ ،‬أو تدع نفسك على‬            ‫وليد علاء الدين متعدد المواهب‪ ،‬كتب الشعر‪،‬‬
                                                           ‫والقصة‪ ،‬ومارس الفنون الجميلة‪ ،‬والرسم‪،‬‬
                                                       ‫والعزف‪ ،‬والتصوير‪ ،‬من يقرأ أحدث روايتين له‬
                                                     ‫«كيميا» و»الغميضة» يلمح ما هو مشترك بينهما‪،‬‬
                                                          ‫رغم أن لكل منهما عالمها الخاص‪ ،‬وتجربتها‬
                                                    ‫الإبداعية المنفصلة‪ ،‬إلا أن ما اتخذه الكاتب في إنجاز‬
                                                       ‫هذين العملين‪ ،‬يجعلنا نرى ما بينهما من اتفاق‪،‬‬
   42   43   44   45   46   47   48   49   50   51   52