Page 46 - merit 48
P. 46

‫العـدد ‪48‬‬                                           ‫‪44‬‬

                                                       ‫ديسمبر ‪٢٠٢2‬‬

‫د‪.‬زينب العسال‬

‫وليد علاء الدين‪..‬‬
‫بين «كيميا» و»الغميضة»‬

‫لا يكتفي الكاتب بتفاعل الأنواع الأدبية‪ ،‬بل يدخل أنوا ًعا من الفنون‬
‫الجميلة والفنون القولية‪ ،‬يدخل فنون المشاهدة‪ ،‬والسماع‪ ،‬والقراءات‬
‫المختلفة‪ ،‬والأداء الراقص‪ ،‬وتسريع الإيقاع الذى يتبعه المحتفلون بميلاد‬
‫جلال الدين الرومي‪ ،‬والحوارات عبر العالم الافتراضي‪ ،‬كل ذلك يسرع‬
‫من إيقاع الحكاية الرئيسة‪ ،‬حكاية كيميا التى اخترقت البناء السردى‪،‬‬
‫وتحريك الكتلة في الفراغ‪ ،‬واستخدام الألوان في انسجامها أو تنافرها‪،‬‬
‫وهي من سمات الفن التشكيلي‪ .‬لا يتركنا الكاتب «نضبش» في هذا العماء‬
‫محكم الصنع‪ ،‬بل يمد لنا يد المساعدة بعناوين تمثل علامات إرشادية‪.‬‬

  ‫والرسم والتجسيد والتبقيع والكولاج‪ ،‬وكما يقول‬          ‫حدود النوع الأدبى لعبة لا يجيدها إلا من‬             ‫هتك‬
  ‫رينية ويليك وإرين أوستين «صلة الأدب بالفنون‬            ‫يعشق المغامرة الإبداعية‪ ،‬فهو يراهن على‬
                                                         ‫كتاباته‪ ،‬وعلى قرائه‪ ،‬ومن يتناول كتاباته‬
       ‫الجميلة والموسيقا‪ ،‬متعددة الأشكال‪ ،‬شديدة‬
‫التعقيد‪ ،‬فالشعر يستمد الوحى أحيا ًنا من الرسم أو‬                                    ‫من النقاد‪.‬‬
 ‫النحت أو الموسيقا‪ ،‬قد تغدو الأعمال الفنية الأخرى‬      ‫لم تنقطع صلة الأدب بالفنون الأخرى منذ‬
 ‫موضوعات للشعر» (رينيه ويليك نظرية الأدب‪ ،‬ت‪:‬‬             ‫أشار أرسطو إلى ذلك‪ ،‬وتلقف الفكرة النقاد العرب‬
                                                       ‫القدامى‪ ،‬أمثال قدامة بن جعفر في كتابه «نقد النثر»‪،‬‬
  ‫صبجى محيى الدين‪ ،‬الموسسة العربية للدراسات‬             ‫وابن المعتز في «كتاب البديع»‪ ،‬وكتاب «زهر الآداب‬
                        ‫والنشر‪ ،‬بيروت‪.)1987 ،‬‬
                                                            ‫وثمر الألباب» لأبى إسحاق إبراهيم الحصرى‬
  ‫ويرى رولان بارت أن الأدب لا يقوم على عبارات‪،‬‬            ‫القيرواني‪ ،‬وكتاب «نهاية الآرب في فنون الأدب»‬
‫أو جمل تعطى معنًى ما‪ ،‬إنما هو سجال بين المفاهيم‬           ‫للنويرى‪ ،‬وما أورده كل من ابن المعتز وأبو هلال‬
                                                       ‫العسكرى‪ ،‬وابن رشيق‪ ،‬في أحاديثهم عن التصنيفات‬
   ‫والأجناس المختلفة‪ ،‬فالنص عند بارت يتألف من‬          ‫الجامعة التى لا تعتد بثنائية الكلام المنظوم‪ /‬المنثور‪،‬‬
‫تشعب‪ ،‬وتداخل ثقافات مختلفة‪ ،‬تنتظم داخل حوار‪،‬‬            ‫وصبح الأعشى وحديثه عن التحولات التى ظهرت‬
                                                        ‫على النوع السردى‪ ،‬وصو ًل لابن حزم القرطاجنى‪.‬‬
   ‫تتفق فيما بينها أو تختلف‪ ،‬بحسب رؤية المؤلف‪.‬‬          ‫صلة الأدب بالفنون الجميلة ظلت موصولة‪ ،‬أخذت‬
   ‫نادى بارت صراحة بإلغاء الحدود الموجودة بين‬
   ‫الأجناس الأدبية‪ ،‬وتعويض الأثر الأدبى بالكتابة‪،‬‬            ‫الرواية من الموسيقا الهارمونى‪ ،‬ومن السينما‬
‫فالنص يتحكم فيه مبدأ التناص‪ ،‬واستنساخ الأقوال‪،‬‬         ‫الاسترجاع والمونتاج‪ ،‬ومن الفنون التشكيلية النحت‬

     ‫وإعادة الأفكار‪ ،‬وتعدد المراجع الإحالية‪ .‬لا دا ٍع‬
 ‫للحديث عن الجنس الأدبى ونقائه وصفائه‪ ،‬الكتابة‬
   41   42   43   44   45   46   47   48   49   50   51