Page 64 - merit 48
P. 64
العـدد 48 62
ديسمبر ٢٠٢2
والتي لا يمكن أن يتم توصيفها بـ»السجالات» إلا حياته الشخصية والمس به وتجريحه ،فإنه ارتأى
بعد دراسات أكاديمية تمحص في شروط صيرورته -ومن خلال بيانه الأخير -أن يدحض انتقادات
وفصول سيرورته وممكنات تطوره. «خصومه» بالحجج والبراهين ،فاختار أن «يفسر
وليظل السؤال مطرو ًحا إلى حين :هل أوقد صلاح لمن ساء فهمه»( ،)59وكان حلي ًما مع من كان
بوسريف و»خصومه» نار سجالات نقدية طال همه «الخصام والتحامل»( )60وذلك عبر أسلوب
إخمادها؟ فإن تحقق الأمر ،فبأي حال عدت يا را ٍق بعيد كل البعد عن استقصاد الأشخاص أو
تجريحهم ،وذلك رغم ما حمله بيانه من مظاهر
سجال؟ السخرية حيث يقول« :فسوء الفهم ،فيه تم ُّح ٌل في
وعل سبيل الختم ،فإن ثمة ملاحظة قد تسترعي القراءة ،وأن ما يقرؤونه يكون أوسع من ال ُّث ْقب
كاتب هذه الورقة ومتلقيها على حد سواء ،فتجعل الذي منه ينظرون في الكتاب ،الظلمة فيه تطغى
من واقع الحال يفرض علينا أن نضع -وفي ظل
هذه الاستباحة المفرطة لمنصات كان يفترض من على النهار ،وهذا وضع الأعمى»(.)61
خلالها التواصل الاجتماعي ونشر ثقافة الحوار
والجدال المتحضر -تساؤ ًل عري ًضا أمام هامات عود على بدء
كبرى شيدت ،وعل مر السنين ،صر ًحا أدبيًّا ونقد ًّيا
عظي ًما .أليس من شأن هذه الملاحظات النقدية على إن هذه الإطلالة السريعة ،وفي بعدها
صفحات هذه المنصات أن تدفع بعجلة النقد نحو الكرونولوجي ،على بعض فصول الصراعات النقدية
في المغرب الحديث والمعاصر تجعل من التطور سمة
أزمات متجددة تمزق شرايينه وتضيع أصوله
ومناهجه في متاهات عوالم افتراضية قد تفتقر ملازمة لسيرورتها سواء في بعدها التوثيقي أو
الكثير من الممارسات النقدية فيها إلى أبسط شروط الارتباط المتين بين مضامينها والإطار الحضاري
العلمية ،كما لا تضع لها رقيبًا لحدود المساجلة المساهم في بروزها أو في احترام شروط وحدود
المساجلة فيها؛ إلا أن أمواج هذا التطور تكسرت
النقدية وأساليبها وآدابها؟ فوق صخرة ما قد طفا مؤخ ًرا من مناوشات نقدية،
الهوامش:
* طالب باحث بجامعة ابن طفيل ،القنيطرة.
-1قاد محمد بلعباس القباج بهذه المقالات المتتابعة على صفحات مجلة «المغرب» صرا ًعا قو ًّيا بين الشبان والشيوخ،
وفتح بذلك الباب على مصراعيه لمقالات أخرى مؤيدة ومشجعة له ،وهو الأمر الذي يبدو جليًّا من خلال مقالتين
نقديتين وفي عددين متتاليين من المجلة ،حيت وسم عبد الله القباج الأولى بـ»هل يسمع شعراؤنا» ،وليبارك سعيد
حجي هذه الخطوة في عدد موالي بمقالة «خواطر في النقد»؛ أنظر العددين الخامس والسادس من مجلة المغرب سنة
.1934
-2دارت رحى هذا السجال النقدي بين محمد برادة ومحمد زنيبر ،والذي انتقد ،ومن خلال مقالة وسمها
بـ»الواجب الأول للكاتب :العودة إلى المجتمع المغربي» ،ما لاحظه من مقالات يتهافت ُكتابها على ثقافة أوروبا وأدبها
تهافتًا تعبد ًيا؛ أنظر الأعداد الخمسة الأولى من مجلة أقلام المغربية ،السنة الأولى.1964 ،
-3تم استعمال هذا التوصيف للأمانة العلمية التي تجعل الحكم على كون تلك البيانات آخر السجالات النقدية
تجليًا وبرو ًزا وليس وجو ًدا في الساحة الأدبية النقدية المعاصرة.
-4نورة لغزاري ،الحكي عن الذات بين التوثيق والسرد الانتقائي في «رحيق العمر» لعباس الجراري ،ضمن كتاب
جماعي :للرحيق شميم ..وشمم ،تنسيق وتقديم د.محمد احميدة ،منشورات النادي الجراري ،الطبعة الأولى ،2021
ص.111
-5صلاح بوسريف ،حوار منشور في مجلة «ميريت الثقافية» ،عدد ،43بتاريخ يونيو ،2022ص ،285بتصرف
(وهو التصرف الذي سيتم التفصيل فيه وفي أسبابه وتداعياته ضمن هذا المقال).