Page 357 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 357

‫‪357‬‬  ‫‪ ،00‬نحلإ ‪! 91‬ب!دالتا(ين!‬

   ‫والآن لنبقى مع بعض أسود معركة القادسية المجيدة والذين أذل اللّه بهم ربع مليون‬
                                                                                                                      ‫فارسي قذر‪-:‬‬

     ‫زهرة بن الخوِيَّة ‪ :‬طلب قائد الفرس (رَستم) ‪ -‬بفتح الراء ‪ -‬أن يتفاوض مع‬
   ‫المسلمين قبل المعركة ‪ ،‬فتقدم له أول الأسود وهو الليث العربي (زهرة بن الحُوِيَّة )‪،‬‬
   ‫فقال له رستم ‪ :‬أنتم جيراننا‪ ،‬وكنتم تأتوننا وتطلبون منا الطعام ‪ ،‬وكنا نعطيكم ولا‬

     ‫نمنعكم ‪ ،‬وكنا نحسن جواركم ‪ ،‬وكنا نُظِلُّكم بظلِّنا‪ ،‬ونطعمكم من طعامنا‪ ،‬ونسقيكم من‬
‫شرابنا‪ ،‬وكنتم تأتوننا ولا نمنعكم من التجارة في أرضنا‪ ،‬فلم جئتم الاَن تحاربوننا؟ فتبسَّم‬

      ‫زهرة وقال ‪ :‬صدقت في قولك عمَّن كانوا قبلنا‪ ،‬فلقد كانوا يطلبون الدنيا‪ ،‬ولكن نحن‬
    ‫نطلب الآخرة ! كنا كما تقول حتى بعث اللّه إلينا رسولًا‪ ،‬وأنزل عليه كتابًا‪ ،‬فدخلنا معه في‬
‫دينه ‪ ،‬وقال له الله ‪ :‬إني مسلّط هذه الفئة على من خالفني ‪ ،‬ولم يَدِنْ بديني ‪ ،‬فإني مُنتقِمٌ‬

        ‫منهم ‪ ،‬وأجعل لهم الغلبة ما داموا مُقرِّين بي ! ربعي بن محامر‪ :‬في اليوم التالي أرسل رستم‬
    ‫يطلب من المسلمين التفاوض للمرة الثانية ‪ ،‬فانطلق ربعي على فرسه الصغير ذي الذيل‬
‫القصير‪ ،‬وذهب به لمقابلة رستم ‪ ،‬وقد ربط سيفه في وسطه بشيء غنمه من الفُرْسِ (إمعانًا‬

   ‫باحتقارهم )‪ ،‬فدخل بفرسه ووقف على باب خيمة رستم ‪ ،‬فطلب منه الفرس أن ينزع‬

       ‫سلاحه ‪ ،‬فقال ‪ :‬لا‪ ،‬أنتم دعوتموني ‪ ،‬فإن أردتم أن اتيكم كما احِبُّ ‪ ،‬وإلا رَجعت ! فأخبروا‬
       ‫رستم بذلك ‪ ،‬فقال ‪ :‬ائذنوا له بالدخول ‪ .‬فدخل بفرسه على البُسُطِ الممتدة أمامه ‪ ،‬وعندما‬
    ‫دخل بفرسه وجد الوسائد المُوَشَّاة بالذهب ؟ فقطع إحداها‪ ،‬ومرر لجام فرسه فيها وربطه‬
   ‫به ! ثم أخذ رمحه ‪ ،‬واتجه صوب رستم وهو يتكئ عليه ‪ ،‬والرمح يدب في البسط فيقطعها‪،‬‬

   ‫فلم يترك بساطًا في طريقه إلا وقطعه ‪ ،‬ووقف أهل فارس في صمت عجبًا من ثقة هذا‬
      ‫العرب الذي يحتقرهم في عقر دارهم ‪ ،‬فبدأ رستم بالكلام ؟ فقال له رستم ‪ :‬ما جاء بكم؟‬

    ‫فقال له ‪ :‬لقد ابتعثنا اللّه لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد‪ ،‬ومن جور الأديان‬
    ‫إلر‪ ،‬عدل الإسلام ‪ ،‬ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ‪ ،‬فمن قَبِلَ ذلك منا قبلنا منه‪ ،‬وإن‬
    ‫لم !ل قبلنا منه الجزية ‪ ،‬وإن رنض قاتلناه حتى نظفر بالنصر ! فقال رستم ‪ :‬قد تموتون قبل‬
     ‫ذلك ‪ .‬فقال ‪ :‬وعدنا اللّه عز وجل أ(ط الجنة لمن مات منا على ذلك ‪ ،‬وأن الظفر لمن بقي‬

    ‫منا‪ ،‬فقال ‪ :‬فهل لك أن تؤجلنا حتى نأخذ الرأي مع قادننا وأهلنا؟ فقال له ربعي بكل‬
   352   353   354   355   356   357   358   359   360   361   362