Page 362 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 362

‫‪ ،00‬هل لمحظما ‪ 4‬اهة الاللللا!‬  ‫‪362‬‬

‫الفرس‬  ‫فلما رأى شباب القبائل العربية الأخرى ذلك ‪ ،‬غاروا منهم ‪ ،‬فهبوا على صفوف‬

‫يدكّونها دكا‪ ،‬ليتطاير شرر السيوف في عتمة الليل ‪ ،‬فعلت سحابة من الغبار فوق سماء‬

‫المعركة ‪ ،‬ولم يعلم بقية المسلمين مصير أولئك الفدائيين حتى جاء الفجر‪ ،‬فرأوا شباب‬

‫الإسلام يرجعون من هناك وهم يضحكون بعد أن قتلوا آلاف الفرس ‪ .‬هلال بن علفة‪:‬‬

‫وفي اليوم الرابع للقتال والذي عُرف ب "يوم القادسية "‪ ،‬وأثناء اشتداد القتال بالقرب من‬
‫البغال التي تحمل مؤونة الجيش الفارسي ‪ ،‬تقدم أسد عربي اسمه هلال بن عُلَّفة ليدكدك‬

    ‫بسيفه جمامجم الفرس كالأسد في قفاره ‪ ،‬وفجأة وعن طريق الصدفة البحتة ‪ ،‬طاش سيفه‬
 ‫وهو يضرب به ‪ ،‬فقطع حملأ من أحمال هذه البغال ‪ ،‬فسقط هذا الحمل على الأرض ‪،‬‬

    ‫ليسمع هلال بن علفة صراخًا كصراخ النساء من خلف البغل ‪ ،‬ليتفاجأ هلال أن ذلك‬
     ‫الصراخ لم يصدر من مرأة ‪ ،‬بل كان مصدره رجلًا فارسيًا مختفيًا وراء البغال ! فصُعق‬
‫ذلك الرجل عندما رأى وجهًا عربيًا أمامه ‪ ،‬فأخذ يصرخ ضراخ النساء ويسرع بالفرار‬
 ‫وكأنه رأى وحشًا من وحوش الأرض ! فنظر إليه هلال بن علفة مستغرئا من هذا الفزع‬

      ‫الذي حلَّ به ‪ ،‬ولكنه لاحظ عليه مظاهر الأبهة والعظمة ‪ ،‬فقال لنفسه ‪ :‬أهو هو؟! إنه رستم‬

    ‫قائد الفرس ! ! ! فلما رآه هلال بن علفة يجري بهذه السرعة وهذه الأبهة التي كانت عليه‪،‬‬
   ‫قال ‪ :‬لا أفلحت إن نجا ! وبالفعل أسرع وراءه حتى يلحق به ‪ ،‬ورستم يجري ! وتخيلوا‬

‫معي ذلك المنظر المضحك ‪ ،‬فارسٌ عربي بثيابٍ ممزقة يجري خلف قائد الإمبراطورية‬
   ‫الفارسية العظمى رستم وهو يهرب كالكلب الطريد لابسًا تاجه الذهبي وثوبه الحريري‬
 ‫الأحمر‪ ،‬عندها أخذ رستم يلتفت وهو يجري ويصرخ فيه ‪" :‬بابيه !" (ومعناها بالفارسية‪:‬‬

‫قِفْ كما أنت !)‪ ،‬ولكن هلالًا ظل يجري وراءه كا لأسد المفترس الذي يجري وراء‬
   ‫طريدته مصممًا على الظفر بها بمخالبه ‪ ،‬فقذفه رستم برمح كان في يده ‪ ،‬فأصاب قدم هلال‬
  ‫بن علفة فأصابها‪ ،‬فوقع هلال أرضًا من شدة الإصابة ‪ ،‬ولكنه في لحظة من الزمن ‪ . . .‬عاد‬
  ‫ليقف على رجله المصابة ‪ ،‬ليستمر في مطاردة رستم ‪ ،‬فقذف رستم نفسه في النهر‪ ،‬وبدأ‬

   ‫يعوم ‪ ،‬فتحول ذلك الفارس العربي من أسدٍ بري إلى تمساح مائي ! فسبح وراءه ‪ ،‬ورستم‬
‫يسبخ بكل قوته ‪ ،‬والتمساح الإسلامي من ورائه ‪ ،‬حتى أحس رستم بيدٍ تجذبه من قدمه‬
‫إلى خارح النهر‪ ،‬لقد كانت هذه يد البطل العربي هلال بن علفة ‪ ،‬وهي نفسها اليد التي‬
   357   358   359   360   361   362   363   364   365   366   367