Page 162 - merit 39 feb 2022
P. 162

‫العـدد ‪38‬‬                            ‫‪160‬‬

                               ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬                     ‫في سياق التدافع الحضاري‬
                                                                    ‫الراهن ومحاولة تغيير‬
       ‫«الترجمة للآخر» هى‬      ‫الدراسة في مشروع «المركز‬
     ‫مشروع لسردية عربية‬           ‫العلمي للترجمة» بالهيئة‬         ‫الصورة النمطية السلبية‬
                                                                ‫للعرب التي يتخذها البعض‬
       ‫كبرى جديدة مضادة‬        ‫المصرية العامة للكتاب مجا ًل‬
  ‫للصورة النمطية التاريخية‬        ‫لتنفيذ مشروع «الترجمة‬           ‫مبر ًرا للهيمنة والعدوانية‬
                                   ‫للآخر» في مصر وتغيير‬           ‫والتعالي تجاهه‪ ،‬وفي هذا‬
      ‫السلبية عند الغرب عن‬         ‫الصورة النمطية العربية‬
     ‫العرب‪ ،‬باعتبار الترجمة‬        ‫(وربما التكامل فيستمر‬             ‫السياق يجب أن يقوم‬
      ‫للآخر سوف تتم وفق‬             ‫القومي في الترجمة من‬            ‫المشروع بانتاج المعرفة‬
                                  ‫الآخر ويتخصص العلمي‬             ‫وليس مجرد نقلها للآخر‬
       ‫مفاهيم إنتاج الخطاب‬                                    ‫المتعدد سواء داخل «مستودع‬
‫واشتراطاته‪ ،‬والوعي بأنماط‬       ‫في الترجمة إلى الآخر)‪ ،‬بما‬
 ‫التدافع الحضاري التاريخية‬       ‫يخدم الاتجاهات التنموية‬              ‫هوية» الذات العربية‬
                                                               ‫بتناقضاته الراهنة أو خارج‬
  ‫معه واستشراف مساراتها‬                ‫والمواقف السياسية‬        ‫المستودع‪ ،‬سواء مع الآخر‬
 ‫المستقبلية بما يخدم الوجود‬            ‫والحضارية العربية‬        ‫الحليف الحضاري النسبي‬
  ‫العربي ويدعم وجهة نظره‬           ‫والمصرية لمخاطبة الآخر‬
                                ‫الحضاري الحليف النسبي‪،‬‬              ‫أو الخصم المتفاوت في‬
    ‫على الصعيد العالمي‪ ،‬عبر‬        ‫وكذلك الآخر الحضاري‬         ‫درجة الخصومة‪ ،‬بما يتطلب‬
      ‫مختلف معابر الصورة‬             ‫مناط التدافع بدرحات‬      ‫التعامل مع الترجمة بوصفها‬
‫النمطية وتمثلاتها في الإعلام‬        ‫التدافع المتفاوتة‪ ،‬وذلك‬
‫والسياسة والسينما والدوائر‬        ‫في لحظة حرجة في القرن‬          ‫خطا ًبا وليست مجرد نقل‬
                                 ‫الحادي والعشرين تتطلب‬         ‫محتوى لغوي بحت‪ ،‬وكذلك‬
           ‫العلمية والثقافية‪.‬‬   ‫إعادة النظر في التوصيفات‬       ‫الوعي بمحددات تلقي الآخر‬
   ‫ويبقى القول في الختام إن‬          ‫الوظيفية للمؤسسات‬
 ‫نقل الذات ومحدداتها للآخر‬       ‫الثقافية‪ ،‬وضبطها مجد ًدا‪.‬‬        ‫لها ومدى استجابته لها‪.‬‬
  ‫خاصة في ظل فكرة التدافع‬          ‫وربما باعتبار الترجمة‬           ‫فالأمر أن فعل الترجمة‬
‫ووجود صورة نمطية مسبقة‬              ‫للآخر هنا من متطلبات‬            ‫في هذا النطاق لا بد أن‬
 ‫عند الآخر الغربي‪ ،‬سيتطلب‬        ‫«التنمية المستدامة» والبقاء‬    ‫يقوم به باحثون معرفيون‬
                                ‫دائ ًما في حالة حراك ووعي‬          ‫مدركون لمنهج دراسات‬
    ‫فع ًل ومشرو ًعا للترجمة‬       ‫بالآخر‪ ،‬فالتأخر سواء في‬     ‫التدافع الحضاري الذي يربط‬
      ‫مركبًا لينجح في مهمته‬       ‫النقل عنه أو إليه سيؤدي‬     ‫الظاهرة الإنسانية باحتمالات‬
 ‫ويضاف للرصيد الحضاري‬            ‫بالتبعية إلى تجميد صورة‬       ‫وجود الآخر ودراسة أنماط‬
  ‫الخاص بالذات العربية‪ ،‬في‬           ‫الذات العربية وتجميد‬        ‫التدافع التاريخي معه‪ ،‬في‬
‫مواجهة القضايا الخاصة بها‬         ‫حضورها وفعاليتها‪ ،‬بما‬         ‫سعي لاستشراف مستقبل‬
‫التي تثار في المحكات الدولية‬     ‫يضعها في موقف «السلب‬          ‫تلك الأنماط وسيناريوهاتها‪.‬‬
‫ذات الصلة‪ ،‬لذا لا بد أن يقوم‬       ‫الوجودي» نتيجة حركة‬           ‫وقد نقد ْت الدراسة مجال‬
‫ذلك المشروع على عدة أسس‬          ‫الآخر المستمرة‪ ،‬ووقوعها‬
‫متوازية ومتجاورة تعمل م ًعا‬      ‫في دائرة الجمود والثبات‪،‬‬             ‫عمل «المركز القومي‬
‫وفي الآن ذاته‪ ،‬وهذه الأسس‬      ‫والبقاء في الجانب المظلم من‬    ‫للترجمة» في مصر (كنموذج‬
 ‫أو الاشتراطات التي توصي‬
                                           ‫حجرة المعرفة‪.‬‬           ‫لدراسة الحالة العربية)‪،‬‬
           ‫بها الدراسة هي‪:‬‬         ‫و َتخل ُص الدراسة إلى أن‬         ‫بتعريفه الذي نص على‬
  ‫‪ -‬دراسة الصورة النمطية‬                                           ‫عملية الترجمة إلى اللغة‬
  ‫المستقرة عند الآخر الغربي‬                                     ‫العربية وقصرها قانو ًنا في‬
                                                                 ‫هذا الاتجاه‪ ،‬في حين ترى‬
     ‫التي شكلها الاستشراق‬
   ‫للذات العربية‪ ،‬واستهداف‬
   157   158   159   160   161   162   163   164   165   166   167