Page 169 - merit 39 feb 2022
P. 169

‫‪167‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫المشاهد‪ .‬لكنها لم تكن أكثر‬           ‫أنعم الراقصات وأبعدهن‬
‫من مسو َّدات ُمختصرة وغير‬              ‫عن التصريح‪ ،‬كما جعلها‬
                                     ‫في الأفلام المصرية نموذ ًجا‬
  ‫مصقولة لما كانت ُتق ِّدمه في‬
     ‫الكاباريهات من عرو ٍض‬               ‫واضحا أش ّد الوضوح‬
     ‫كاملة‪ ،‬كن ُت قد شاهد ُت‬        ‫لـ»‪ .”Femme Fatal‬وحين‬
     ‫واح ًدا منها وسيظ ُّل حيًّا‬   ‫ُعدت إلى عدد من الأفلام التي‬
     ‫ُيجفل ذاكرتي ما حييت‪.‬‬          ‫مثّلتها بين أوائل الأربعينات‬
    ‫كان ذلك في العام ‪.1950‬‬
    ‫وكان زمي ٌل لي ُمغامر من‬           ‫وعام ‪ 1980‬وجد ُت ‪190‬‬
                                        ‫فيل ًما‪ ،‬وحين سألتها في‬
   ‫زملاء المدرسة قد اكتشف‬               ‫القاهرة ربيع ‪ 1989‬عن‬
      ‫أ َّنها ترقص في كازينو‬         ‫هذه الأفلام‪ ،‬لم تستطع أن‬
                                       ‫تتذكر الرقم الفعلي لكنَّها‬
   ‫بديعة المكشوف في الجيزة‬         ‫قدرت أن يكون المجموع أكثر‬
       ‫على النيل (حيث يقوم‬             ‫من ‪ .200‬ولا يكاد يخلو‬
                                     ‫فيلم من أفلامها الأولى من‬
  ‫فندق الشيراتون الشاهق)‪،‬‬              ‫رقصة على الأقل‪ ،‬فجميع‬
‫واشترينا البطاقات‪ ،‬ووصلنا‬           ‫الأفلام المصرية التي لم ُت ِرد‬
                                      ‫أن ُتصنَّف ضمن «الدراما‬
    ‫إلى هناك في المساء المُح َّدد‬    ‫الراقية» (حفنة وحسب هي‬
  ‫قبل ساعتين على الأق ِّل من‬            ‫التي أرادت ذلك) كان لا‬
 ‫الوقت الذي ُيفترض أن تبدأ‬           ‫بد أن تشتمل على نمرة من‬
 ‫به‪ ،‬أربعة فتيان ُمرتبكين في‬        ‫الرقص المُرافق للغناء‪ .‬فهذه‬
   ‫الرابعة عشرة من عمرهم‪.‬‬          ‫كانت صيغة أشبه براقصات‬
 ‫كان ح ُّر النهار في ذلك اليوم‬          ‫الباليه التي كانت ترافق‬
                                       ‫الفصل الثاني في عروض‬
     ‫الحزيراني قد تح َّول إلى‬        ‫الأوبرا الباريسية في القرن‬
‫عشيَّة ُمنعشة عليلة النسمات‪.‬‬           ‫التاسع عشر‪ :‬حيث كانت‬
                                      ‫رقصات الباليه هذه ُتؤ َّدى‬
 ‫وحين أُطفئت الأنوار إشارة‬            ‫سواء لاءمت القصة أم لا‪.‬‬
 ‫إلى دور النجمة‪ ،‬كان كازينو‬        ‫وفي الأفلام المصرية كان من‬
  ‫بديعة ُممتلئًا تما ًما‪ ،‬وكانت‬      ‫المُمكن لمذي ٍع أن يظهر فجأة‬
                                    ‫على الشاشة و ُيعلن عن ُمغ ٍّن‬
    ‫طاولاته التي يزيد عددها‬           ‫وراقصة‪ ،‬ليتك َّشف المشهد‬
   ‫على الأربعين قد ازدحمت‬             ‫(دونما مس ِّوغ في الغالب)‬
   ‫بجمهو ٍر مصري من غواة‬            ‫عن نا ٍد ليلي أو قاعة واسعة‪،‬‬
  ‫الطبقة الوسطى‪ .‬أما شريك‬             ‫ثم لا تلبث فرقة موسيقيَّة‬
  ‫تحية في تلك الأمسية فكان‬              ‫أن تعزف ألحانها‪ ،‬ويبدأ‬
  ‫المُطرب عبد العزيز محمود‪،‬‬
   ‫أصلع‪ ،‬بليد الملامح بسترة‬                           ‫العرض‪.‬‬
    ‫بيضاء‪ ،‬جاء وانغرس في‬               ‫لقد ق َّدمت تحية مثل هذه‬

     ‫كرسي من القش وسط‬
 ‫المنصة البدائية‪ ،‬وطفق ُيغنِّي‬
 ‫برفقة تخت موسيقي صغير‬

      ‫جلس أفراده إلى جانب‬
‫المنصة‪ .‬كانت الأغنية «منديل‬
   164   165   166   167   168   169   170   171   172   173   174