Page 171 - merit 39 feb 2022
P. 171
169 الملف الثقـافي
جوستاف فلوبير إدوارد لين أم كلثوم طوال العرض ،وكان فمها
مفتو ًحا أوسع مما تكون
الفتيات الرخيصات أو يدفع أعلى الأسعار ،حيث عليه البسمة في العادة ،كما
النساء الساقطات التي كان النادي الليلي مج َّرد لو أ َّنها مختلية بنفسها تتأ َّمل
َيسه ُل تعريفها ،بل إلى عالم واجهة مؤقتة للعرض. جسدها وتستمتع بحركاته.
النساء التقدميَّات اللواتي والملوم في هذا هو ضغوط لقد طغت تلك البسمة على
يتفادين الحواجز الاجتماعيَّة ثقافة إسلاميَّة محافظة، ك ِّل بهرجة مسرحيَّة ُمتكلِّفة
أو ُي ِزلنها .فقد ظلَّت تحيَّة وكذلك تلك التش ُّوهات التي في المشهد أو في رقصها،
مرتبطة بمجتمع بلادها ذلك أحدثها تط ُّور ُمتفاوت .فالمرأة فن َّقتهما بما انطوت عليه من
الارتباط العضوي ،نظ ًرا لما المُحترمة الصالحة للزواج تركيز مفروض على أفكارها
اكتشفته لنفسها كراقصة هي تلك التي ُيكتب لها العميقة والشاردة .بل إ َّنني
ومحيي ٍة للحفلات من دور الزواج قبل أن تبتعد كثي ًرا ما من مرأة رأيتها ترقص في
آخر أكثر أهميَّة .إ َّنه دور عن فترة المراهقة ،ولذا لم الأفلام الخمسة والعشرين
العالمة الذي كاد أن ُينسى يكن الصبا أو الجمال ليمنح أو الثلاثين التي شاهدتها
والذي تح َّدث عنه زوار الفتاة ميزة على الدوام ،لأ َّن لها ،إلا وكن ُت أعثر على تلك
الشرق الأوروب ُّيون في القرن والدها التقليدي قد ير ِّتب لها البسمة ،مضيئة الخلفيَّة
التاسع عشر مثل إدوارد لين بسب ٍب من ذلك تحدي ًدا زيجة التي عادة ما تكون سخيفة
وفلوبير .فقد كانت العالمة من رجل «ناضج» حسن ُمتكلِّفة .بسمتها نقط ٌة ثابت ٌة
محظيَّة من المحظيات ،إ َّنما الأحوال .أما من يخرجن من
امرأة ذات مآثر بارزة .ولم دائرة تلك الترتيبات فك َّن في عال ٍم ُقلِّب.
يكن الرقص سوى واحدة عرضة لكل صنوف الخزي لقد بدت لي تلك البسمة رم ًزا
من مواهبها الكثيرة :كالقدرة
على الغناء وتلاوة القصائد، والتحقير. لتم ُّيز تحية في ثقافة طلعت
لا تنتمي تحية إلى ثقافة علينا بعشرات الراقصات
اللواتي يحملن اسم زوزو
أو فيفي ،معظمهن يوضعن
في مرتبة لا تعلو بأكثر من
درجة على مرتبة العاهرات.
كان هذا واض ًحا على
الدوام في مرال الازدهار
المصري ،كآخر أ َّيام فاروق
مث ًل ،أو حين أتت فورة
النفط بالخليجيين الأثرياء
إلى مصر ،وهذا ما يص ُّح
أي ًضا على لبنان حين كان
ملعب العالم العربي ،بآلاف
الفتيات الجاهزات للعرض
والإيجار .وبدا في مثل
هذه الظروف أن معظم
الراقصات ك َّن على استعداد
لأن ينتهين إلى المُزايد الذي